في كتابه هذا، يعتني الأستاذ راشد عبد المنعم الرَّحال بشرح صحيفة رجل من أهل القرآن الكريم وعلّم من أعلام المفسرين الذين أسهموا بنصيب وافر في ميدان التفسير وهو "علي بن أبي طلحة الهاشمي" (المتوفى سنة 143هـ) والذي سميت الصحيفة بإسمه "صحيفة علي بن أبي طلحة" المأخوذة عن ابن عباس في تفسير القرآن الكريم. ولعل أقدم النصوص التي وصلت إلينا عن الصحيفة والتي تشير إلى أهميتها على الرغم من مضي أربعة عشر قرناً عليها ما نُقل عن الإمام أحمد بن حنبل: "بمصر صحيفة في التفسير رواها علي بن أبي طلحة لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصداً ما كان كثيراً". وكذلك شدت الرحال إلى مصر للإستفادة من هذه الصحيفة التي حث الإمام أحمد بن حنبل عليها، فرحل كثير من العلماء إلى مصر، ونقلوا منها ما شاء فيذكر الكتاب أنها من أصح الطرق في التأويل وعليها اعتمد البخاري في صحيحه مرتباً على السور، وخاصة ما يتعلق بشرح معنى اللفظ الغريب، كما استفاد من هذه الصحيفة أبو حاتم الرازي (توفي 277هـ) وابن جرير الطبري (توفي 310هـ)، كما أخذ عنها كثير من علماء الحديث والتفسير والقراءات. وبناءً على ما تقدم يوضح الأستاذ راشد عبد المنعم الرَّحال عمله في تحقيق الصحيفة الآنفة الذكر بالقول: "أتجه لهذه الدراسة في محاولة جادة للكشف عن هذه الصحيفة وتجليتها للناس، وتخريجها تخريجاً تطمئن إليه النفس... رامياً إلى ربط هذه الصورة البكر لتفسير بعض آيات الكتاب المبين بما تلاها من تفاسير، وإلى وضع هذه الصحيفة ذات الأهمية الكبيرة في مكانها اللائق بين الدراسات القرآنية في هذه المرحلة المبكرة من مراحل الإهتمام بالقرآن الكريم وتفسيره، وتوضيح غاياته ومراميه وبخاصة فيما أنبهم من آياته وغمض من توجيهاته الحكيمة الخالدة". يتألف الكتاب مقدمة عن عصر علي بن أبي طلحة وعلمه، ثم التعريف بــ "صحيفة علي بن أبي طلحة في التفسير" وأقوال العلماء في حرمه وتعديله، ثم طرق الرواية عن ابن عباس، والأسانيد الموصلة إلى علي بن أبي طلحة، وأخيراً تفاسير كل سورة من سور القرآن الكريم كما جاءت في "صحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير القرآن".