هذا كتاب عن جغرافية سيناء وتاريخها، جمع فيه مؤلفه قدراً من المعلومات والبيانات لا نحسب أنها افقت في مكان آخر. فهو يتناول فيه الجغرافيا والتاريخ وجوانب الحياة المختلفة في هذه الرقعة المهمة من مصر ويتقصى كل أمر بشواهد من مراجعه ومصادره جمعها من أهل سيناء. وإننا حقيقة حيال كنز ثر من البيان يحيل سيناء من صحراء جرداء، كما هي في أوهام الناس، إلى رقعة غنية بحياتها، عبقة بتاريخها، وثرية بتراثها، وإذا كان مؤلفه قد أقبل على تأليفه، رغم ما عانى في سبيله، لإحساسه بجهل الناس بسيناء في ذلك الزمان وما يجري فيها، فما أحرانا الآن بأن نقرأ ما كتب وإن نزيد عليه بعد أن قدم فيها الشعب المصري تضحيات جسيمة من شبابها وثروتها، لا دفاعاً عن سيناء فحسب، ولا حتى عن مصر فحسب وإنما دفاعاً عن مجمل الكيان العربي.
سيناء إذن ليست مجرد صحراء ألحقت بأرض مصر، وإنما هي بوابة مصر التاريخية، يمتد بها مجمل علائقها السياسية والحضارية إلى شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وعبرهما إلى دورات تاريخ العالم. ومن هذه البوابة تدفق المهاجرون إلى مصر وجاء الغزاة، وعبرهما اتجهت جيوش مصر إلى الشام. وكل ذلك يكون ثقلاً عظيماً في تاريخ مصر. وفيها دارت أعتى وقائع الحرب العربية الإسرائيلية، ولعلنا نقول أن آخر هذه الوقائع، أي حرب أكتوبر، هي المعركة التاريخية الحاسمة التي بدلت قوالب الصراع العربي الإسرائيلي وغيرت مساره. هكذا يحتل هذا الكتاب أهمية خاصة ويقدم للقراء خدمة جليلة.
أما مؤلفه فهو نعوم شقير اللبناني الأصل والذي خدم طوال سنوات ممتدة في دوائر المخابرات في مصر ووقف على دقائق الأمور عن السودان ومصر وجيرانهما ثم أسهم بمعرفته الواسعة وخبرته الثرة بمؤلفات قيمة أشهرها كتابه عن جغرافية وتاريخ السودان، ومن أهمها كتابه هذا عن سيناء.