-
/ عربي / USD
يضم هذا الكتاب بين دفتيه مجموعة من رسائل أمين الريحاني تبلغ ما يقرب أربع مئة رسالة من أصل ثلاثة آلاف رسالة بحسب تقدير ألبرت ريحاني شقيقه كان قد تركها أمين في اللغتين العربية والإنكليزية. ويلاحظ في هذه الرسائل الأربع مئة التي هي حصيلة تجميع ألبرت، التسلسل التاريخي الذي يرسم التطور الطبيعي لشخصية الكاتب، وقد جاءت في حقبة تقع بين 1890-1940، حقبة تسجيل ثورة بين القديم والحديث، بين عهد من الظلم طبعه السلطان عبد الحميد بطابعه المخيف وبين عهد من النور أشاعته "الذرة" في هذا العصر الأسطوري. فبمثل هذه الثورة الاجتماعية التي اضطرمت بين هذين العهدين، اضطرمت ثورة الريحاني التي حملت على ما تركته عهود الظلم من فساد وخنوع، من تقاليد بالية وعقائد واهية، من سياسة كاذبة وأدب مصطنع.
هذا عن الرسائل التي سجل أمين تأريخها، أما تلك التي لم يسجل تأريخها فقد أرّخها ألبرت معتداً في ذلك على ذاكرته بما يقرب من الترجيح، مع التعليق عليها في الهوامش بما يدفع الالتباس. كما وأنه نقل رسماً لأوبرا بالزنك كان جبران قد وضعه في باريس عندما التقى أمين الريحاني هناك، والرسم عليه توقيع الاثنين، وعليه تعليق من أمين يكشف عن حل كان الاثنان يحلمان في تحقيقه وذلك بناء أوبرا في الوطن، ناقلاً كذلك بعض الرسائل بالزنك مراعياً الأطوار المختلفة من حياة الريحاني، عارضاً نماذج من خطه الفارسي الجميل. أما الرسائل التي لم يوفق ألبرت الريحاني إلى معرفة أصحابها فقد تركها ما جاءت دون أي تعليق. بالإضافة إلى ذلك قام بنشر رسائل سياسية على أن يعود لنشر ما تبقى من رسائل أمين الريحاني السياسية في كتاب خاص.
أما رسائل أمين الغرامية، فالذي وجده ألبرت بالإنكليزية، لم يجد منه أثراً باللغة العربية. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى وعندما تطأ عينا القارئ على مستهل رسائل الريحاني، تنفتح أمامه نوافذ الحياة على مصاريعها، فإذا به في دنيا تضج بالألوان والألحان: فمن أدب وشعر وفن إلى سياسة واجتماع وإصلاح، ومن تهكم متندر وسخرية إلى علم ومعرفة وحكمة، ومن جرأة ومغامرات إلى مرارة وألم. كل هذه يتناولها صاحب هذه الرسائل بعفوية الأديب المبدع دونما تكلف أو تحفظ. وهو لا يأنف من أن يراسل بلسان الحيوانات أو غيرها: بلسان كلبه "دونجو" أو هرته "بلوز"، بلسان غليونه أو بلسان الأطفال. فكأنه يؤمن أن الرسالة يمكن أن تأتي من كل ذي حياة دونما استثناء فالرسالة أولاً وأخيراً هي مرآة لروح الكاتب أكثر منه لأدبه. وأخيراً أن رسائل الريحاني هذه كانت شخصية قبل نشرها، أما الآن فهي ملك القراء بعد أن ضمتها صفحات هذا الكتاب وهي تكشف عن أهواء الريحاني وأشواقه، عن همومه وآلامه، عن كرهه ومحبته، عن فشله ونجاحه، عن مبادئه وتناقضاته، وعن كل ما جاش في روحه واعتلج في صدره. وقد حرص ألبرت الريحاني على نشرها كما هي حباً للعلم وأمانة على الروح الأدبية فيها.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد