-
/ عربي / USD
ليست هذه القصيدة -الأندلسية- من الغنائيات الأندلسية الذائعة.. كتلك التي تحكى قصة العشق بين (ابن زيدون) و(ولادة)، ولا هي من الموشحات الأندلسية الرقيقة المطربة... المرقصة، التي تعكس الرفاهة، والرغد، والترف، وطيب العيش...، لكنها بكائية أندلسية تجسد مأساة المسلمين في غرناطة وهم يواجهون، في رعب وترقب المصير الحالك المدلهم.
بعد فراغك من قراءة هذه القصيدة الصادقة المعبرة ستكتشف أنها لا تتحدث عن محنة غرناصة السلبية في سنة 1499م، 1500م، أمام الغزاة الأوربييز البرابرة، لكنها تجسد -كذلك- وبكل الصدق والموضوعية- محنة المسلمين اليوم، ليس في غرناطة وحدها، لكن في أفريقيا وآسيا وروسيا... تصور محنتهم: وهم أقلية، وهم أكثرية، على السواء!!
هي استغاثة إسلامية معاصرة من الفلبين وأريتريا وأوغندا وأفغانستان وفلسطين ولبنان... الخ الخ!! وهي تعبير مباشر عن المحنة والاستلاب في غرناطة وفي العالم الإسلامي المعاصر!!
وقد نشر هذه القصيدة في العدد السادس والثلاثين، من مجلة الأندلس سنة 1966م، المستشرق جيمس ت.مونرو مع دراسة تحليلية بعنوان: "شكوى خطيرة من المنصرين الأندلسيين إلى السلطان العثماني".
... عبارة القصيدة سهلة.. تقترب من العامية، شغل الشاعر فيها عن متطلبات الفن الشعري: من جزالة اللفظ، ورشاقة العبارة، وتفنن الصورة والأخيلة، وسلك المطلع...، وشغل عن ذلك بتصوير ما هم فيه من قتل وتشريد وإبادة وإحراق جماعي في سراديب الكنائس وأقبيتها، وهتك للأعراض، وسبب ولعن، وهدم للمساجد وتحويلها إلى مزابل أو كنائس، إلى آخر هذه المظاهر التي تكشف عن البربرية الأوربية والتوحش الذي يضاف إلى الرصيد الغربي الأسباني والنازي والفاشي والشيوعي... وكل ذلك يبرز قسمات وملامح الوجع الغربي المتحضر!! غاية التحضر!!
وشاعرنا مجهول الاسم والرسم وهذا يجعل قصيدته أوقع وأوثق فهي قصيدة غرناطة كلها، وليست قصيدة رجل واحد.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد