-
/ عربي / USD
ترمي سلسلة "أدبيات"، في كل كتاب يصدر فيها، إلى معالجة موضوع أو قضية أدبية معالجة عامة شاملة يفيد منها القارئ العام والقارئ المتخصص. والسلسلة في مجموعها تمثل موسوعة أدبية متكاملة، ولا تقتصر في تناولها للموضوعات على الأدب العربي فحسب، بل تتجاوزه إلى الآداب غير العربية. والسلسلة وصفية، تعنى أساساً بتعريف القارئ بالموضوع، وتنأى عن الأحكام القاطعة في القضايا الأدبية الجدلية أو الحافلة بالخلافات.
ينبعث من أن أول خطوة في التجديد هي إشباع القديم فهماً: فيزيح الركام عن أدب المقامة، ويجلو سمات النموذج الإنساني الذي ابتدعه هذا الجنس الأدبي، ويكشف عن المقومات الفنية المعاصرة لهذا النموذج، ومدى تجاوبه مع المعايير النقدية الحديثة.
في البداية اهتم الكتاب بتحديد مفهوم المصطلح، سواء في ذلك المصطلح النموذج الإنساني، أو مصطلح المقامة، اقتناعاً منها بأن تحديد المفاهيم يقيم جسراً قوياً متيناً ين الكاتب والمتلقي يمكنهما من العبور عليه، والالتقاء عند كلمة سواء: يتجادلون في إطارها، ويتحاورون في ظلالها.
ومن ثم وقفت الكتابة وقفة غير قصيرة عند أبي الفتح الإسكندري، هذا النموذج الذي أبدعه بديع الزمان، ورأت أن هناك أسباباً حالت بينه وبين النمو، فلم يكتمل نضجه الفني، وذلك كي تتأتى الموازنة بينه وبين أبي زيد السروجي، هذا النموذج المتكامل الذي أبدعته عبقرية الحريري، وقفن على أثره بالحديث عن ميمون بن خزام، بطل مقامات شيخنا اليازجي، وبذا تكتمل الصورة عند الملتقي: صورة القمم الثلاث التي تبوأت عرش هذا الجنس الأدبي (المقامة) ودور قمة في إبداع النموذج الإنساني، وتفرد الحريري في تصوير نموذجه وبناء مقاماته.
ولم تعرض الدراسة لأسلوب النثر الفني في المقامة، ولا لتحليل مضمونها لا بمقدار ما اقتضته ضرورة البحث، وساقت إليه طبيعته، لأن همها كان رصد شخصية النموذج، وأن نموها وتطورها من خلال المواقف الحياتية التي سلكها الحريري فيها، وكيف انعكست طبيعة الحياة-بأبعادها المختلفة-على مناحي سلوكها، ولذا كان طبيعياً أن تقدم لذلك بحديث يجلو جوانب البيئة التي كان هذا الجنس الأدبي ونموذجه من نتاجها.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد