تحرص مكتبة لبنان على تعريف القارئ العربي إلى حضارات العالم القديم وبخاصة تلك التي كان لها شأن في التفاعل بين الشعوب وفي تقدم الإنسان. كما تحرص على أن تعطي صورة متكاملة عن تلك الحضارات سواءً من حيث أوجه نشاطاتها أم من حيث توزعها الجغرافي. وقد أصدرت المكتبة حتى الآن كتباً عن حضارات مصر واليومان وروما وكريت والمايسينيين والفايكنجز والآزتك، وها هي اليوم تقدم إلى القارئ العربي حضارة شعب الإنكا، وهي حضارة تشكل قطاعات من الشرق والغرب والعالمين القديم والجديد.
إننا نعتقد أن التعريف بهذه الحضارات سيزيد من الثروة الثقافية للقارئ العربي، ويهيئ له مجال الإطلاع على التراث الإنساني العريق، ويضع أمامه صورة حية ناطقة لخط الارتقاء البشري.
وحضارة الإنكا التي نقدمها اليوم، وهي التي كانت بلاد البيرو في أميركا الجنوبية مسرحها، حضارة ذات بهاء، كان لها تأثير كبير في الشعوب التي عاشت في تلك الأصقاع.
إنه لمن المثير أن ندرس تلك الحضارة في محاولة لتفسير التفاوت الشديد في جوانب بنائها. فبينما نجد ذلك الشعب أسير الخرافات والمعتقدات الأسطورية، وأسير الانفعال الدموي، ومتخلفاً في مجال الآلات الصناعية البسيطة، نجده من ناحية أخرى شديد التطور في مفهوم العدالة الاجتماعية والتنظيم الحكومي، بحيث يصل في ذلك إلى نوع من الرقي لم يصل إليه الغرب، مثلاً إلا بعد زوال حضارة الإنكا بمئات السنين.
إن تعرف الفتى العربي إلى هذه الحضارة سيزيد من فهمه للشعوب القديمة ومحبته لصراع الإنسان القديم في سعيه إلى التطور، وسيجعله يتفهم ذلك الإنسان فلا يدينه لبدائيته وتعلقه بالخرافات والأساطير، وهي خرافات وأساطير أدت بذلك الشعب إلى أن يقع فريسة للشعوب الأخرى وضحية لجشعها وغريزة السيطرة عندها.