يعيد هذا الكتاب البحث في إشكالية الديمقراطية في العالم العربي ودور الإعلام في تشكيل فضاء عربي يواكب حركة التغيير الديمقراطي الواسعة، والتي انطلقت من تونس مع أولى موجات "الربيع العربي" وامتدت لتشمل دولاً أخرى ما يعني أن دخول العرب إلى العصر الديمقراطي أصبح جزءاً أساسياً من...

يعيد هذا الكتاب البحث في إشكالية الديمقراطية في العالم العربي ودور الإعلام في تشكيل فضاء عربي يواكب حركة التغيير الديمقراطي الواسعة، والتي انطلقت من تونس مع أولى موجات "الربيع العربي" وامتدت لتشمل دولاً أخرى ما يعني أن دخول العرب إلى العصر الديمقراطي أصبح جزءاً أساسياً من النقاش الراهن.

هذا الكتاب ترجمة لفصول مختارة من أصل صدر بالإنجليزية عن دار روتلدج في مارس/آذار 2015، بعنوان: «الجزيرة والتغيير الديمقراطي: نشأة الفضاء العام العربي» إنه محاولة للإسهام في النقاش الدائر حول علاقة الإعلام بالسياسة وبالتغيير الديمقراطي في العالم العربي. وباعتبار الدور الذي لعبته فضائية الجزيرة، منذ انطلاقتها في العام 1966، في تغيير المشهد الإعلامي في هذه المنطقة فإن القارئ سيجد في فصوله تركيزاً على هذه القناة وعلى تأثيرها البارز. ومن خلال التركيز على قناة الجزيرة سنفهم الآليات التي يعتمدها الإعلام، والإعلام الجديد تحديداً، في إعادة تشكيل فضاءات التواصل العام، ونتعرف على الكيفية التي تعيد بها تلك الفضاءات الناشئة صياغة علاقة المواطنين بأنظمتهم السياسية وتمكينهم من التأثير في علاقات القوة التي تحكم أوضاعهم.

إن نظرة واحدة إلى ما قدمته قناة الجزيرة الفضائية تكفي للقول أنها نجحت منذ أيامها الأولى في خلق بيئة صحفية جديدة مختلفة جذريًّا عن النمط الذي كان سائداً، ببيئة تعددية يتقاطع في فضائها باستمرار، سواء في نشراتها الإخبارية أو في برامجها الحوارية، مختلف الآراء والخطابات الرسمية وغير الرسمية، الحكومية والمعارضة. لقد وجدت شرائح اجتماعية كثيرة من الكُتَّاب والمفكِّرين والأكاديميين والمهنيين ونشطاء المجتمع المدني وعامة الناس في الجزيرة منبراً مفتوحاً كانوا يفتقدونه في وسائل إعلامهم الوطنية.

إن الشيء الهام الذي يقدمه هذا الكتاب قوله أن الصراع من أجل الديمقراطية ليس حركة تقدمية مستمرة، وإنما هو مسار متعرج طويل الأمد ومفتوح النهايات. ولكن، في ضوء هذا الطرح كيف يمكن لنا فهم حركة التغيير الديمقراطي في العالم العربي؟ وما العوامل المؤثرة في مسارها؟ هذه هي الإشكالية المركزية التي يدور حولها هذا الكتاب، والتي تعالجها فصول الكتاب الخمسة، بدءاً بمناقشة نظريات التغيير الديمقراطي السائدة وتحليل أطرها النظرية، مروراً بالبحث حول علاقة الإعلام بالسياسة متخذاً من شبكة الجزيرة نموذجاً للدراسة، وتناول مفهوم "الفضاء العام" كما ورد في أطروحة هابرماس الأساسية، ومن ثم تبيئته في المجال العربي من خلال إعطاءه بُعداً تطبيقياً، وأخيراً البحث فيما أضافته شبكات التواصل الاجتماعي من أبعاد جديدة بممارستها الإعلام بطريقة غير تقليدية، عابرة للحدود، ما يؤكد أن تحرير الإعلام يعد شرطاً أساسياً لتحرير المجتمع وتهيئة الطريق نحو التغيير الديمقراطي.