الجهاد في الإسلام، إفترضه الله عز وجل على عباده ليكون سياجاً يحفظ به أمة الإسلام من أن تكون عرضة لكل جائر أثيم، وحرزاً يحمي به مقدرآتها وثرواتها من أن تكون نهبة لكل طامع لئيم، بل إن الجهاد في الإسلام يحفظ للمسلمين كرامتهم، من أن يُتسلط عليهم من يقتل أبنائهم، ويستحيي نساءهم، وينتهك أعراضهم، ويسلب ثرواتهم، ويسومهم سوء العذاب. فالجهاد في الإسلام مطلب ضروري لأمة ترجو لنفسها عزاً وفخراً، وتخشى على نفسها ضيماً وقهراً. فمتى تخلت الأمة عن الكفاح، وألقت السلاح، فقد أراقت دم عزها، وهتكت ثوب شرفها، وأطمعت الطغاة في إستبدادها، وجرأت اللئام على إمتهان كرامتها. وإن هذه الفريضة المحكمة، والشريفة الثابتة، قدنا لها جدل كبير، وإتخذت مدخلاً ولج منه المستشرقون في النيل من الإسلام، والكيد لأهله، فأشاعوا بأن الإسلام لم ينتشر إلا بالسيف والسنان، وأنه أخضع الناس بالدخول فيه بالقوة والجبروت، وأن مادفع من قتال في صدر الإسلام، إنما هو للدفاع وردّ العدوان، وإستطاعت قوى الطغيان والإحتلال التي سيطرت على كثير من دول أهل الإسلام، إلى أن يوجدوا من يروج فكرتهم، وأن على المسلمين أن يتخلوا عن فكرة الجهاد. هذا ولقد شغلت آيات الجهاد والقتال حيزاً كبيراً في القرآن الكريم في العهد المدني، مما يدل عل أن هذا الموضوع كان من أهم الموضوعات التي إشتغل النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته. وقد عدّه بعض الصحابة عليهم السلام أحد أركان الإسلام. إلا أن المسلمين أهملوا هذه الشعيرة المهمة، فركزوا على الدنيا، وإطمأنوا لها، وأخلدوا إلى الراحة، وأحبوا الحياة، وكرهوا الموت في سبيل الله فتركوا الجهاد مع شدة حاجتهم إليه، فوقع المسلمون تحت سيطرة المحتلين. ولا ريب والحال هذه فيما عليه المسلمون من واقع إليهم، بذل الجهود حتى تتهيأ النفوس لحمل السنان والتطلع إلى تلك الجنان دفاعاً عن إعلاء حكمة الله. من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يبحث في الجهاد: مفهومه وأهدافه وأنواعه وضوابطه من خلال دراسة تأصيلية جاءت ضمن مقدمة وتمهيد وأربعة فصول وخاتمة. أما المقدمة فتضمنت الإفتتاحية وأهمية الموضوع وخطة البحث ومنهجه. وأما التمهيد فتم فيه الحديث عن فضل الجهاد في الإسلام، والترغيب فيه. ودارت الفصول الأربعة حول المحاور التالية: 1-مفهوم الجهاد في الإسلام ومسترد قيمته. 2-ضوابط الجهاد في الإسلام. 3-أنواع الجهاد في الإسلام. 4-ضوابط الجهاد في الإسلام. وأما الخاتمة فقد تضمن خلاصة البحث، وما توصل إليه المؤلف من نتائج.