جعل الله عز وجل البيت الحرام مثابة وقياماً للناس، وجعل حج البيت ركناً من أركان دينه، وفريضة على كل مسلم مستطيع.ولإتمام هذه الفريضة العظيمة المشتملة على عبادات بدنية ومالية، حسية ومعنوية، وجسمية وروحية بخلاف سائر العبادات، بدأ اهتمام العلماء بشرح وتعريف الناس بهذا الركن...
جعل الله عز وجل البيت الحرام مثابة وقياماً للناس، وجعل حج البيت ركناً من أركان دينه، وفريضة على كل مسلم مستطيع. ولإتمام هذه الفريضة العظيمة المشتملة على عبادات بدنية ومالية، حسية ومعنوية، وجسمية وروحية بخلاف سائر العبادات، بدأ اهتمام العلماء بشرح وتعريف الناس بهذا الركن العظيم، وما ينبغي لهم فيه من أمور معينة لبلوغ الأمل الأسمى.
وكثرت المؤلفات في بيان أحكام هذه المناسك، ما بين مطول ومختصر ومتوسط، وما بين مجرد عن الأدلة ومقترن بها، وما بين مختص في مذهب واحد، ومقارن لأقوال أئمة المذاهب الأخرى. وعرف ذلك العلم بـ(علم المناسك).
ودعت الحاجة -مع مرور الأيام- لإضافة معلومات إلى (علم المناسك) تعين وتساعد مريدي أداء النسك، وهذه المعلومات إما أنها مرغبة في أداء الفريضة العظيمة، وإما معرفة بطرق وسبل الوصول إلى الأماكن المقدسة، أو مبينة لفضل هذه الأماكن على سائر الأمكنة، ثم فضل العمل فيها.
وأول مؤلف جمع جل هذه العلوم في مؤلف واحد هو الإمام (عز الدين بن جماعة الكناني في كتابه المبارك: (هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك).
أما المؤلف الذي أقدم له (البحر العميق في مناسك المعتمر والحاج إلى بيت الله العتيق) فهو مؤلف فذ لم يعرف له مثيل، ليس في التوسع والإسهاب في المسائل فحسب، أو في شموله وجمعه لجميع العلوم، بل أضاف إليها فنوناً أخرى كفضائل (مسجد الأقصى) ثم عندما يذكر ويبين كل مسألة لا يذكرها كمقدمة للمناسك، بل يعرضها كأنه يكتب في ذلك الفن كتابة خلاصة مستقلة، ومن ثم لا غرو أن يصدق عليه المثل المعروف (كل الصيد في جوف الفرا).