للبحث الذي بين يدينا أهمية علمية قصوى، إذ أنه يدرس فترة حاسمة من تاريخ عالمنا الإسلامي، ويرتبط بمشروع الجامعة الإسلامية التي حاول المسلمون تحقيقها عبر العصور التاريخية. كما يدور البحث حول شخصية السلطان عبد الحميد الثاني، وهي شخصية تاريخية مجيدة، وكان لها دور بارز ملموس في تاريخ العالمين الإسلامي والعربي، واختلف المؤرخون حول تقويم شخصية السلطان عبد الحميد، واختلفوا أيضاً في أحكامهم التاريخية، نتيجة الصراعات السياسية العالمية، والصراعات الدينية. وفترة حكم السلطان عبد الحميد حافلة بالشخصيات المجيدة التي كان لها دورها الإيجابي العميق في التاريخ الإسلامي. كما يرتبط السلطان عبد الحميد بتاريخ الخلافة الإسلامية.
اتبع الباحث أركان المنهج العلمي للبحث التاريخي، وحرص على الطريقة الموضوعية مع المحافظة على التسلسل الزمني، وأجاد تبويب الرسالة، مع الربط بين موضوعاتها مما حقق الوحدة الموضوعية والتكامل التاريخي. ويتضح منهج الربط في الرسالة، إذ يربط الباحث بين أحوال الدولة العثمانية الداخلية، وأحوال العالمين الإسلامي والعربي، والسياسية العالمية، واهتم الباحث أيضاً بالربط بين جوانب الحياة السياسية، والدينية والاقتصادية والاجتماعية. وعقد الباحث كثيراً من الدراسات المقارنة المفيدة، بين عصر عبد الحميد، والعصور السابقة أو اللاحقة.

وحرص الباحث على منهج الحياد الإيجابي، فهذا الموضوع تختلف حوله الآراء، في الشرق والغرب على السواء، بل اختلف العرب والمسلمين في الحكم على سياسة واتجاهات عبد الحميد. ولذا أصبح من واجب الباحث الإطلاع على كل من المصادر الأصلية والمراجع الحديثة، العربية والإفرنجية، والوقوف على مختلف الآراء مهما تعددت وتناقضت، ثم وضعها كلها في ميزان التاريخ، والعقل، والمنطق، ثم إصدار أحكام تاريخية صائبة، بعيدة عن الهوى، خاضعة لمنهج الحياد الإيجابي، وقد نجح الباحث في مناقشة الآراء المختلفة المناقشة العلمية الموضوعية الهادئة الهادفة.