اشتهر ابن الجوزي إضافة إلى تآليفه النافحة بالوعظ، فقد كان يحضر مجلسه مائة ألف أو ييدون كما روي، وقد أسلم على يده خلق كثير إذ نقل سبطه عنه قوله: "كتبت بإصبعي ألفي مجلّد، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألفاً". وهذا القبول العظيم ما كان ليتم لولا اجتماع إخلاص كبير بعلم...
اشتهر ابن الجوزي إضافة إلى تآليفه النافحة بالوعظ، فقد كان يحضر مجلسه مائة ألف أو ييدون كما روي، وقد أسلم على يده خلق كثير إذ نقل سبطه عنه قوله: "كتبت بإصبعي ألفي مجلّد، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألفاً". وهذا القبول العظيم ما كان ليتم لولا اجتماع إخلاص كبير بعلم غزير. والكتاب الذي نقدمه للقارئ دليل على صدق دعوانا، فهو عبارة عن مجالس كان يعقدها للتذكير بالله والوعظ، جُمعت فيما بعد في هذا الكتاب المسمى "بستان الواعظين ورياض السامعين". والملاحظ أننا لا نجد في هذا الكتاب ابن الجوزي المفسر المحقق بل نجد الجانب الروحي طاغياً على الجانب العلمي لمتطلبات الموضوع، فهو يستشهد بالأحاديث الضعيفة، والأخبار التي تفتقد إلى الصحة السندية كما أن أغلب أشعار الكتاب تغلب عليها الركاكة وفساد الوزن، لأنه يخاطب في كتابه هذا-العامة، ومع هذا فالكتاب عظيم النفع كما يتضح لمطالعه. إذ يجد فيه مسائل في غاية الأهمية في الوعظ والإرشاد والترغيب في الجنة والترهيب من النار، ومن حث الناس على العمل الصالح وتوقع الموت في أية لحظة بما يقتضي ذلك من مثول طيب وعمل صالح ونية خالصة وقصد شريف، ويمتاز هذا الكتاب ببساطة أسلوبه ودقيق عباراته، وعظمة بيانه وتنسيق مجالسه وسذاجة نظمه وأشعاره بما يتلاءم مع مجالس الوعظ والإرشاد والحث على فعل الخيرات والإقبال على فعل الخيرات والإقبال على الجنة بما يقرب إليها من قول وعمل ونية.