تشكل رواية "كما تشاء!" للروائي الفلسطيني "أمير ذوابة" رواية الصراع بين جيلين، جيل الآباء الملتزم ديناً وقيماً وسلوكاً، وجيل الأبناء المدجج بالمواهب والأحلام، وتأثير هذه العلاقة على الأبناء، في حاضرهم ومستقبلهم هو ما يجري التعبير عنه في الرواية من خلال شخصية السيد "مصطفى"...
تشكل رواية "كما تشاء!" للروائي الفلسطيني "أمير ذوابة" رواية الصراع بين جيلين، جيل الآباء الملتزم ديناً وقيماً وسلوكاً، وجيل الأبناء المدجج بالمواهب والأحلام، وتأثير هذه العلاقة على الأبناء، في حاضرهم ومستقبلهم هو ما يجري التعبير عنه في الرواية من خلال شخصية السيد "مصطفى" الذي يمثل الصورة النمطية، الذكورية، البطريريكية للأب وشخصية الإبن "فضل" الموهوب العاشق للموسيقى والفن، والذي أراد تعلم العزف على آلة البيانو فجوبه بمعارضة شديدة من والده، حتى عاش الحلم معه في صحوه ونومه وحلّق معه في آفاق بعيدة رأى فيها نفسه وسط عالم لا يمت إلى عالمه الواقعي بصلة، عازفاً مشهوراً، أنتج ألبوماً موسيقياً، موسيقى شرقية وغربية من تأليفه، وألبومات أخرى تكتسح الأسواق، تدر عليه أموالاً طائلة، حتى صار علماً من أعلام الموسيقى في الشرق والغرب.
لقد تأكد له في النهاية أن كل من قابلهم وعايشهم، كانت أخلاقهم هي السبب في عدم تحقيقه لحلمه ولا حتى إيجاد طرف الخيط ذاك.
"كما تشاء!" رواية تقول لقارئها: "أن أحلام الفرد، تتوقف على أخلاق المجتمع" (...)، وإذا سألت عن السبب سيجيبك الروائي: "لأن الحلم بذرة، نحن نزرعها في أرض الصبر والإنتظار، ونسقيها بماء الجهد والتعب، حتى تشرق شمس الإنتصار (...)". هو كلام جميل. ولكن في هكذا حال، هل الواقع هو المتبقي أم الحلم؟ وهل يمكن لخيبات الأمل أن تكون عامل دفع نحو نجاحات أخرى؟ هذا ما يشغل بال أمير ذوابة وأراد التعبير عنه في مقدمة روايته بالقول: "... وصلتُ لمرحلة، شعرتُ فيها بأنه قد أصبح واجباً علي أن أكتب رسالة إنسانية، أقصّ فيها ما يجول بخاطري من شعور بطمسٍ كبيرٍ لمواهب الكثير من الشباب أياً كانت، وعدم إعطائهم الفرصة ليس لتقييم إبداعاتهم وحسب، بل لا أبالغ إذا قلت بأن الأمر قد وصل إلى عدم النظر فيها ولا حتى محاولة معرفة شيء عنها، وإن حدث، لم يكن إلا لاقتناص فرصة جيدة للإستهزاء بالشيء الذي جيء به، ومحاولة جعله كممسحة مضى على تعفّنها عقد من الزمان.
في رحلتي مع هذا النص، تخيّلت نفسي جالساً بين صحبي ورفاق دربي، أقصّ عليهم وأحدثهم بما يجول بخاطري، لذلك تجدني أُقحم نفسي في الحديث هنا وهناك من دون "إحم ولا دستور"، وعلى الرغم من أنني علمت وبعد الانتهاء من الكتابة، أن على الروائي أن لا يتدخل في سير أحداث الرواية، إلا أنني أبيت إلا أن أبقيها كما هي، ليس تقاعساً عن مزيد من العمل؛ فللكتابة عندي لذّتها الخاصة، ولكن السبب يكمن في رغبةٍ جامحة عندي، بأن يشعر القارئ بأنه أحد أصدقائي وأحبتي الذين التفوا حولي؛ لأنقل إليهم بشكل خاص ما جدّ لدي".
هذا الخطاب، يجعل من رواية "كما تشاء!" نصاً روائياً رشيقاً يطرح أسئلة، ويثوّر أجوبة، بطريقة سلسة، فيجمع بين فائدة الحكاية ومتعة الخطاب.