للأهمية الكبرى والمحبة العظمى لشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم نالت السيرة النبوية العناية الفائقة من جهد المصنفين، فتباروا في مضمار التأليف في نواح من السيرة الشريفة منهم من ألف في "أعلام النبوة" ومنهم من ألف في شمائل الرسول وأحواله وآخرون في معجزاته، كما تبارى آخرون في موضوعها، والكشف عن أخبارها، وعمدوا إلى التدقيق والتمحيص للوصول إلى الأخبار وحفظها وإلى الأخبار الصحيحة ونبهوا عليها، وعمد بعضهم إلى نبذ كل ما ليس منها، حتى أثروا المكتبة الإسلامية بالكثير الطيب من هذه المصنفات، فكان منها المختصر والمطول، والمجمل والمفصل.
ومن هذه المختصرات الكتاب الذي هو بين يدي القارئ "الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم" للحافظ المؤرخ المفسر ابن كثير الدمشقي. وقد لخّصه من مصنفات من تقدمه من العلماء الأخبار، ومما اشتهر بين علماء الحديث والآثار، فانتقى من مجموع ما صنفوه، واصطفى من محصول ما ألقوه، نبذة كافية شافية، فجاء على صفحة حافلاً جامعاً نافعاً، هذا مع البساطة في الأسلوب، والتسلسل في عرض الحوادث والأخبار والانتقاد، قدر الحاجة، لمن تقدمه من الأئمة، والانتقاد لما يورده. ويقع الكتاب في جزئين: الأول: في مسيرته صلى الله عليه وسلم ومغازيه، والثاني: في أعلام نبوته وأموره وشمائله وخصائصه صلى الله عليه وسلم.