-
/ عربي / USD
حرص المسلمون واعتنوا بالسنة المطهرة حرصهم على القرآن الكريم، وكانت هذه العناية الفائقة ثمرة معرفة راسخة وعميقة بأهمية السنّة ومعناها والحاجة إليها.
فموقع السنّة من القرآن الكريم هو موقع المبيِّن من المبيَّن، وعليه كانت السنّة المصدر الثاني للتشريع، وهي إما تأتي مؤكدة ومقررة حكماً جاء في القرآن الكريم، وإما مفصلة ومفسرة لما جاء في القرآن الكريم مجملاً، أو مقيدة ما جاء فيه مطلقاً، أو مخصصة ما جاء فيه عاماً، وأما مثبتة ومنشئة حكماً سكت عنه القرآن الكريم.
وقد حرص الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم رواية أحاديثه وحفظها إلا أنه ومع تقدم الزمن، وظهور الفرق المنحرفة، تعرضت السنّة للتحريف، وظهر الوضع في الحديث، إلا أن الله سبحانه وتعالى قيض لحفظ سنة رسوله رجالاً جهابذة انبروا للحديث يتخلونه، تمحيصاً لمتونه، ونقداً لرجاله، حتى وصلنا السنة صافية نقية، وإلى هذا فقد كان لمحدثي الأندلس جهود متميزة في خدمة السنّة المطهرة، رواية ودراية.
فكان هناك كمٌّ هائل من المؤلفات الأندلسية في هذا الفن، إلا أن هذه المدرسة لم تأخذ حقها من البحث والتحقيق؛ على الرغم من أنها خرجت خيرة المحدثين أمثال بقيّ بن مخلد، ومحور بن وضاع وابن عبد البر وابن حزم الظاهري وغيرهم ممن كانت لهم جهود متميزة في خدمة السنة النبوية المطهرة.
وعلى الرغم من وجود بحوث كثيرة حول محدثي الأندلس، إلا أنها كانت متفرقة، ولا تعطي صورة شاملة ومتكاملة لمدرسة الحديث بالأندلس، ناهيك عن العدد الكبير من المخطوطات الأندلسية في الحديث وعلومه التي لم تر النور، ولم تطالها يد التحقيق.
من هذا المنطلق يأتي هذا البحث الذي كان موضوعاً لإطروحة الباحث في الدكتوراه والذي جاء تحت عنوان "مدرسة الحديث في الأندلس"، وقد تم تقسيمه إلى مقدمة وتمهيد وستة أبواب وخاتمة، شملت المقدمة على بيان أهمية الموضوع ودواعي إختيار الباحث له إضافة إلى بيان منهجه في البحث، ودار التمهيد حول فتح الأندلس، والحياة الدينية والبيئة الإجتماعية والأدوار السياسية التي مرت بها، إضافة إلى بيان النهضة العلمية التي ازدهرت بها وأهم مراكزها.
وأما المواضيع التي تناولتها الأبواب الستة فهي كالتالي: 1-الحديث عن بداية تعليم الحديث النبوي الشريف في الأندلس، والأسباب التي ساعدت على ذلك، 2-التعريف بالمؤسسين الأوائل لمدرسة الحديث بالأندلس، والكتب الحديثية الأولى التي دخلتها، إضافة إلى عناية الاندلسيين بالكتب ونسخها وتكوين المكتبات، 3-جهود محدثي الأندلس في مجال الرواية، 4-دراسة جهود محدثي الأندلس في شرح كتب السنّة، 5-دراسة المصنفات الأندلسية في الرجال وعلوم الحديث، 6-دراسة منهج نقد الحديث عند محدثي الأندلس.
أما الخاتمة فقد ضمنها الباحث بعض الملاحظات وجملة من النتائج التي استخلصها من البحث.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد