-
/ عربي / USD
جمع علي الطنطاوي في كتابه (مقالات في كلمات) حصيلة كتاباته الصحفية في أربعينات وخمسينات القرن العشرين وكان وقتئذ مستشاراً لمحكمة النقض في مصر وكاتباً في جريدة "النصر" أولاً ثم في "الأيام" ثانياً، وهو ما أشار إليه في الكلمة الإفتتاحية للكتاب بقوله: كنت في سنة 1949م أكتب في جريدة (النصر) أولاً، ثم في الأيام، آخراً: كلمات بعنوان (كل يوم كلمة صغيرة) ولبثت على ذلك سنوات، اجتمع لديّ فيها ركام منها، منه ما لا يقرأ إلا في يومه، وقد أهملته واطّرحته، ومنه ما يقرأ في كل الأوقات، وقد اخترت منه هذه الكلمات ..."، وبقراءة متأنية لمضمون المقالات، يجد القارىء أنها تمثل صورة عن الحياة الإجتماعية والثقافية للنصف الأول من القرن العشرين، واهتمات المؤلف بقضايا مجتمعه وتعاطفه مع الفقراء والمحتاجين ودعوة الأغنياء إلى النظر في الفئات المهمشة ومها قوله: "يا أيها الأغنياء المترفون، اذكروا أن في الأرض من إخوانكم، من أبناء أبيكم آدم، وأمكم حواء، من لا يجد في هذا البرد ... دثاراً من الصوف يتدثر به، وغرفة محكمة يأوي إليها ...". وفي مقالات الكتاب أيضاً دعوة إلى الدين الصحيح وإلى القيم الإسلامية الحميدة وإلى العلم واحترام الوالدين، بالإضافة إلى مقالات في الفلسفة والأدب والسياسة والتاريخ. وقد اختتم كتابه متوجهاً إلى القارىء " ... عشت عمري أغني للحب، وأهتف للجمال، وأناجي معاني الخلود في سكرة الأحلام، وأناغي الطبيعة في هدأة السحر، وروعة الأصيل ... وأترجم للناس حديث السواقي في أذن الزمان، وآهات قلوب العاشقين، ووشوشة النجوى، ووسوسة القبل، وأتغلغل في ظلام الماضي، وأستشف حجب المستقبل، أرسم صور المجد، وتهاويل الأماني ...".
هذا في الجزء الأول من الكتاب، أما الجزء الثاني منه، فهو من جمع وترتيب حفيد المؤلف مجاهد مأمون ديرانية، والذي لم يقتصر على كلمات تلك الزاوية اليومية، بل ضم إليها بعض المقالات القديمة التي كتبها جده "الطنطاوي" في مطلع حياته وهو في أول العشرينات من عمره، ومقالات أخرى نقلها عن أصول مخطوطة، أذيعت من إذاعة المملكة العربية السعودية من نحو ثلث قرن ولكنها لم تُنشر من قبل قط، لا في صحيفة ولا في كتاب، وقد صححها واضطر إلى الإجتهاد في بعضها، وفك رموزها بما يعرفه من مفردات جده الذي تدور على قلمه أو تعبيراته التي تتكرر في كتاباته، ثم أضاف العناوين ووضع بعض الهوامش، فجاءت بمجموعها تحفة أدبية وصورة صادقة عن زمن جميل لم تبقَ منه سوى كلمات ...
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد