من على حافة الموت، تبدأ مرحلة أخرى لا يعرفها إلّا من مرّ بها، تلك هي حال بطل رواية "القمر الأخير"، للروائي عبد الباسط زخنيني، والذي جعل بداية النهاية لتجربة (الموت) بالنسبة إليه مجالاً للحكي، واستعادة تجربة (الحياة) لبطله، تلك التي قضاها بمراحلها الخمسة: الإنكار، الغضب،...
من على حافة الموت، تبدأ مرحلة أخرى لا يعرفها إلّا من مرّ بها، تلك هي حال بطل رواية "القمر الأخير"، للروائي عبد الباسط زخنيني، والذي جعل بداية النهاية لتجربة (الموت) بالنسبة إليه مجالاً للحكي، واستعادة تجربة (الحياة) لبطله، تلك التي قضاها بمراحلها الخمسة: الإنكار، الغضب، المساومة، الاكتئاب والقبول.هذه المراحل الخمسة لواقعة الموت هي التي أقام عليها الروائي عبد الباسط زخنيني عمارته الروائية استناداً إلى نص نشر في أواخر ستينيات القرن الماضي، (1966) وضعته الطبيبة النفسية السويسرية المولد "إليزابيت كوبلر روس" يفيد أن هناك "خمس مراحل للاحتضار يمكن تلخيصها بالكلمة المتضمنة للحروف الخمسة الكبرى التالية: DABDA، يشير الحرف الأول إلى Denial، يشير الحرف الثاني إلى Anger، يشير الحرف الثالث إلى Bargaining، يشير الحرف الرابع إلى Depression، يشير الحرف الأخير إلى Acceptance. وتعني هذه الكلمات تباعاً: الإنكار، الغضب، المساومة، الاكتئاب والقبول". وفي هذا الإطار المرجعي، يبدأ السرد في الرواية بمشهد اصطدام سيارة بطل الرواية الذي أبقاه المؤلف بلا اسم بالحاجز المعدني واختراقها له، لتنزلق بعد لحظات مع حافة الجرف وتتوارى والبطل في داخلها في الظلام. ومن هذه النقطة يستعيد بطل الرواية مراحل حياته السابقة مع أصدقائه أحمد، بدر، حاتم، وأشرف حينما كان مدرباً لفريق كرة القدم، حيث تمثل شخصية أشرف وتصرفاته الهاجس الأكبر لبطل الرواية، وهو الصديق الذي نافسه في بطولاته وفي حبّه لفتاة التفاح، فتاة أحلامه الدائمة "أحلام" ووشايته لأهلها بعلاقتها بأشرف انتقاماً منه، هذا الحدث الذي ظلّ يطاردهُ ويحط بكللهِ الثقيل عليه في مراحل الحياة ومراحل الموت أيضاً؛ وأشياء أخرى جعلت من بطل الرواية بعد عودته من حالة الغيبوبة يفكر في كل ماحدث ويسأل نفسه: هل عشتُ حقاً في ذلك العالم وكدت أبقى عالقاً فيه؟ روحاً ضالة؟! هل هذا ما حدث بالفعل؟! لو أتيح لي أن أعيش عمراً كاملاً آخر لما استطعت أبداً أن أجيب عن هذا السؤال.هي أسئلة تحمل في طياتها قوة الزخم الباطني الذي يستعر كلّما فكر إنسان منّا بالموت ومراحله، هي أسئلة محكومة بالشك الملتاع، تؤرق حياتنا وتثير شجوننا وفكرتنا عن الحياة الأخرى فتقودنا إلى السؤال: ماذا بعد الموت؟