هذا الكتاب حوى أهم قضايا النقد العربي القديم، يجمع بين الشمول والعمق والإيجاز.بين إيجاز كتب التاريخ، على شمولها، وإطالة الكتب المتخصصة وعمقها، من غير أن أثقله بالتفاصيل الدقيقة التي تشغل عن الأصول، أو أوجز فيه إيجازاً يقصّر بالطالب الجامعي المتخصص عما ينبغي أن يحصِّل من...
هذا الكتاب حوى أهم قضايا النقد العربي القديم، يجمع بين الشمول والعمق والإيجاز. بين إيجاز كتب التاريخ، على شمولها، وإطالة الكتب المتخصصة وعمقها، من غير أن أثقله بالتفاصيل الدقيقة التي تشغل عن الأصول، أو أوجز فيه إيجازاً يقصّر بالطالب الجامعي المتخصص عما ينبغي أن يحصِّل من هذا العلم.
وأوردت ما يقتضي المقام إيراده من نصوص النقد القديم، مع إستعمالها في تجلية القضية المدروسة، مع تجنب الإطالة، والإستغناء عما لا تدعو الحاجة إليه، إذ كان الغرض درس القضية، وليس جمع ما قيل فيها، وربطتُ بعض القضايا بنظائرها في النقد الحديث؛ على سبيل الإيجاز؛ لأبين مكانة النقد العربي من النقد العالمي، وأنه كان نقداً ثرياً، عرض لكبرى القضايا التي شغلت غير العرب عرضاً متميزاً، وكان له في بعضها رأي لا يقل حداثة وعلمية وعمقاً عما انتهى إليه النقد الحديث.
وحرصت على إيضاح المفاهيم والمصطلحات النقدية التي عراها اللبس في كتب النقد القديم، ومر عليها بعض الكتب الحديثة من غير أن يبينها، مع أن دلالات بعضها غير واضحة، لكون القدامى لم يعنوا بإيضاحها، وربما كانوا يستعملونها بمعان شتى، لا تتضح إلا من السياق الذي ترد فيه؛ من أجل أن يكون الطالب على بينة مما يدرس، وليتيسر له فهم التراث النقدي والإفادة منه، كما ينبغي.
وأوليت نشأة النقد العربي عناية خاصة، دعاني إليها الحرص على تحرير عقل الطالب من حكايات، لا تأوي إلى ركن من العلم والعقل شديد، وإنما صنعها أدباء عباسيون، فجازت على من لا يحققون، فبنوا منها صورة أقربَ إلى الخيال منها إلى التاريخ العلمي، وعرضت بإيجاز لحال النقد قبل محمد بن سلام الجمحي، فبينت منحى التفكير النقدي عند اللغويين والرواة، وما اهتموا به من القضايا، وكيف كانت نظرتهم إلى الأدب وفهمهم إياه، ثم عرضت محاولتي ابن سلام وابن قتيبة في "طبقات الشعراء"، ومقدمة "الشعر والشعراء"؛ ليعرف الطالب كيف نشأ النقد العربي، والأطوار التي أجازها حتى انتهى إلى ما انتهى إليه من القضايا التي دار عليها جل هذا الكتاب.