تعرض الفكر اليوناني إلى العديد من القراءات كان من بينها القراءة التوحيدية والتي تمثلت في عدة إتجاهات منها القراءة اليهودية من بداية التأويل عند فيلون والقراءة المسيحية المتقدمة عند القديس أوغسطين والقراءة الإسلامية المتأخرة بالإضافة إلى القراءة المسيحية المتأخرة والتي...
تعرض الفكر اليوناني إلى العديد من القراءات كان من بينها القراءة التوحيدية والتي تمثلت في عدة إتجاهات منها القراءة اليهودية من بداية التأويل عند فيلون والقراءة المسيحية المتقدمة عند القديس أوغسطين والقراءة الإسلامية المتأخرة بالإضافة إلى القراءة المسيحية المتأخرة والتي مثلها التيار الأوغسطيني والقديس توما الأكويني والتيار الرشدي. وبالإضافة إلى هذه القراءة فقد تعرض هذا الفكر أيضاً إلى القراءة الغربية في ظل المفهوم العلماني، وهذه القراءة كانت تبحث على تغليب المادة على حساب الروح.
داخل هذا الجو أو القراءة الغربية ظهر إتجاهان متعارضان بصدد لاهوتية الفكر اليوناني: الإتجاه الأول: يذهب إلى إنقطاع صلة الفلسفة اليونانية بالميثولوجيا والدين، فيكون الفكر اليوناني إستناداً إلى هذا الرأي فكراً مادياً صرفاً، ويمثل هذا الفريق من الباحثين الغربيين برنيت وجوميرز وغيرهم.
أما الإتجاه الثاني: يذهب إلى وجود هذه الصلة حيث حاولوا الربط بين أفكار اليونان بعد طاليس وبين التصوف والآراء الدينية والميثولوجية، وأبرز هؤلاء الباحثين نيتشه في كتابه (الفلسفة في العصر التراجيدي من عصور اليونان) وكورنفورد في كتابه (من الدين إلى الفلسفة) وغيرهم.
أمام هذا التعارض بين الإتجاهين، جاء هذا البحث لمعالجة هذه المشكلة (لاهوت الفكر اليوناني)، وبعبارة أخرى فإن البحث يحاول الإجابة على الأسئلة التالية: "هل يوجد خط فكري لاهوتي لدى فلاسفة اليونان؟ أم لا؟"، "وإذا كان هنالك خط لاهوتي، فهل وصل هذا الإتجاه في أحد مراحله إلى التوحيد؟".
وقد جعل الباحث من هذه الرسالة أن تكون على مقدمة ومدخل وخمسة فصول وخاتمة، حيث عالج في التمهيد مشكلة الألوهية بإعتبارها من المشكلات الفلسفية المعقدة وظهور هذه المشكلة من الناحية التاريخية.