إن عظمة أرسطو لا تأتي فقط من عمق فكره وتحليله، وإنما تأتي من كونه يعد أحد الفلاسفة الذين يمثلون في ذاتهم مدرسة فكرية.لقد ترك لنا أرسطو كتابين شهيرين في هذا الموضوع، السياسيات والأخلاق إلى نيقوماخوس، فضلاً عن مؤلفاته الأخرى، وقد ضمن في هذين الكتابين معالجته للفلسفة السياسية...
إن عظمة أرسطو لا تأتي فقط من عمق فكره وتحليله، وإنما تأتي من كونه يعد أحد الفلاسفة الذين يمثلون في ذاتهم مدرسة فكرية. لقد ترك لنا أرسطو كتابين شهيرين في هذا الموضوع، السياسيات والأخلاق إلى نيقوماخوس، فضلاً عن مؤلفاته الأخرى، وقد ضمن في هذين الكتابين معالجته للفلسفة السياسية واقعية موضوعية نقدية بعيده عن كل إطار مثالي ميتافيزيقي كما رسمها أفلاطون في الجمهورية وغيرها من مؤلفاته السياسية؛ وبذلك تجاوز أرسطو كل الحلول التي وضعها أفلاطون للمشكلات السياسية الأخلاقية التربوية واقترب كثيراً من نفسية الإنسان الفرد الذي يعيش ضمن جماعة محددة من خلال مسألة الملكية والزواج والحيازة للأموال وغيرها.
وفضلاً عن ذلك، فإن نظرة أرسطو للسياسة جاءت لتسير بخط تصاعدي من البنية التحتية للمجتمع والنظم السياسية القائمة في عصره وما قبله، ليؤسس فيما بعد منظوره التكاملي السياسي (البديل الكامل) عن طريق التربية والتنظيم وإختيار الشكل الأمثل للنظام السياسي، بخلاف أستاذه أفلاطون الذي بدا من المثال ثم انحدر نازلاً إلى المتناقضات والمضادات للمثل.
وهاجسنا في هذه الدراسة هو النص الأرسطي نفسه، الذي رجعنا إليه مباشرة وحاولنا ستكنان روحه وبعده الذي جاء فيه سواء بما ترجم فيه إلى العربية أم بالنص المعتمد الذي أخرجه (Dr. Ross) ولم نميز ترجمة عربية على أخرى بل اعتمدنا النص المنقول إلى العربية حديثاً للمقارنة لغرض الوصول إلى النص الأكثر قرباً من أرسطو نفسه.