هذا البحث يمثل قضيةً محورية في التفكير اليوناني القديم، تمخضت في ثنايا السجال مع السوفسطائيين، وتردد صداها في محاورات أفلاطون وكتب أرسطو المنطقية، وتعتبر أعقد مشاكل القرون الوسطى.إن إشكالية الكلي تعبر عن إشكلاية فكرية ومعرفية أكثر من تعبيرها عن المشكل الوجودي...
هذا البحث يمثل قضيةً محورية في التفكير اليوناني القديم، تمخضت في ثنايا السجال مع السوفسطائيين، وتردد صداها في محاورات أفلاطون وكتب أرسطو المنطقية، وتعتبر أعقد مشاكل القرون الوسطى. إن إشكالية الكلي تعبر عن إشكلاية فكرية ومعرفية أكثر من تعبيرها عن المشكل الوجودي "الأنطلوجي"، لذا نجد الكليات قد وظفت في اللاهوت الكنسي عند النصارى، كما توظيفها في العقائد الكلامية لدى الإسلاميين.
إن البحث في الكلي يعبر عن إشكالية إستدلالية سابقة لتاريخ الفكر الفلسفي، وممتدة إلى الوقت الحاضر، ففي عصر النهضة الحديثة تم الإنتقال من التجريد إلى التجريب، والتمركز على الجزئي والتخلي عن الكلي، مما أحدث مشكلات معرفية، وثورة على المطلقات والمعاني المجردة، ودعوى نسبية القيم.
قد قال أرسطو قديماً: "إن الكلي ترجع إليه جميع العلوم"، كما جعل المعرفة متوقفة على الكلي، ورفع شعار: "إن لم يكن الكلي موجوداً كان العلم كذباً"، وعلى هذا الأساس بني المنطق الأرسطي، وتنكشف مركزية الكلي بجلاء في الحد الماهوي والقياس البرهاني.
يسعى هذا البحث إلى مُساءلة هذه المقولات ومناقشتها، وبيان دوافعها وعلائقها الإبستملوجية، وإيضاح آثارها الفلسفية والعقائدية لدى المتكلمين والفلاسفة الإسلاميين.