يوضح أرحيلة في مقدمة كتابه أن قراءة مشروعي طه عبد الرحمن وعبد الله العروي، تكشف الصدام الحادّ بين مَن أراد تبنّي ما أتاحته الحداثة الغربيّة، ووجد في الماركسية خشبةَ إنقاذ، وعدّ طيَّ صفحة تراث الإسلام بدايةَ الثورة على العقل المطلق، والاحتكام إلى العقل المجرّد كما فعل...
يوضح أرحيلة في مقدمة كتابه أن قراءة مشروعي طه عبد الرحمن وعبد الله العروي، تكشف الصدام الحادّ بين مَن أراد تبنّي ما أتاحته الحداثة الغربيّة، ووجد في الماركسية خشبةَ إنقاذ، وعدّ طيَّ صفحة تراث الإسلام بدايةَ الثورة على العقل المطلق، والاحتكام إلى العقل المجرّد كما فعل الغرب، وبين من وِجهته تأسيس حداثة إسلاميّة تتوافق مع مجالها التداوليّ الإسلاميّ العربيّ؛ فتتحرّر من التبعيّة، وتستقلّ بتوجهاتها عن الحداثة الغربيّة، وتصبح هي البديل؛ وبذلك تعطي لتلك الصفحة التي يُراد طيُّها بُعْدَها الكونيَّ من منطلق «أخلاقيّة الإسلام» الذي تتحقّق به لكلِّ من آمن به روح الحداثة. ويستشهد الباحث بمقولتين، الأولى لطه عبد الرحمن جاء فيها: «صار بعضهم -على شدّة ضعف زاده من المعرفة العلميّة عموما والمعرفة الإسلاميّة خصوصا- يدّعي الوصاية على المسلمين كافّة، فيُملي عليهم كيف ينبغي أن يفكِّروا في دينهم، ونيَّتُه المبيَّتَةُ إنَّما هي أن يُخرجَهم من هذا الدِّين من حيث لا يشعرون». أما المقولة الثانية لعبدالله العرويّ، وفيها: «يقول إنَّه يُدرِّس المنطق في حين أنه يلقِّن صناعة المناظرة كما أرسى قواعدَها المتكلِّمون بهدف قمع الفكر النقديّ (إذا أوردَ فَقُلْ…). المهمّ في عين هؤلاء ليس تلمُّس الحقّ بل التشكيك؛ اعتمادا على ما يبدو تناقضا في كلام الخصم (…). يتظاهر البعض بهمِّ التأصيل في حين أنَّ الهدف الحقيقيّ هو احتواء الفكر الحديث». وممّا أورده أرحيلة في خاتمة كتابه: «يبدو أنّه زاد من حِدّة الصدام بين الاتجاهيْن؛ شعور العروي أنَّ أفكار طه كانت حجرة عثرة أمام كل ما كان يطمح إليه؛ وأنّها أشعرته أنه استنفد دوره التاريخي، وأنَّ تاريخانيته لم تكن سوى دهرانيّة ارتبطت بدُنانيّة وهمية