-
/ عربي / USD
قضي شاباً لم يتجاوز الثلاثين، ولو عمر لكان له في حياة الشعر العربي الحديث شأن أي شأن، ولكان له بين الشعراء يمرون بالأرض سراعاً لكنهم يتركون فيها أثاراً باقية طويلة البقاء، ومنهم من يطبع جيله بطابعه الخاص، ومنهم من ينشئ مذهباً في الشعر يبقى ما بقي الشعر، ولا يتأثر باختلاف الظروف وتباعد العد وتتابع الأيام.
وفوزي المعلوف مر بالأرض مراً سريعاً، كما تمر النسمة الهادئة، الحلوة الوديعة، التي تحمل على هدوئها وحلاوتها وعلى دعتها وعذوبتها خصباً كثيراً، فيه حياة للنفوس، وفيه شفاء للقلوب، وفيه مادة لتفكير العقول، فتلقي ما تحمل، ثم تمضي في طريقها هادئة وادعة، إلى هذا العالم الذي لا يرجع من يذهب إليه. أو قل إنه مر بالأرض مسرعاً كما تمر نغمة الغناء، أو كما يمر لحن الموسيقى، فمضى إلى حيث لا يعلم أحد، ولكنه ترك في النفوس صدى يتردد فيها حلواً لاذعاً محرقاً معاً.
طه حسين
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد