النقاش في مسيرة الكفاح المسلّح الفلسطيني من أعقد المواضيع وأصعبها، لما لهذه القضية من مكانة في تاريخ الفلسطينيّين، وما تحتمله من ‏معانٍ، وما تختزله من معاناة وتضحياتٍ وبطولاتٍ؛ ولأنّ تلك المسيرة ظلّت بمثابة صندوقٍ مغلق يحرم فتحه أو إخضاعه للنقد والمساءلة، ‏كما ظلّت وقائع تلك المسيرة دون سجّلاتٍ او وثائق أو إحصائيات.‏ ‎ ‎ يثير الكتاب مشكلة مفادها أنه رغم مرور 55 سنةً على تلك التجربة، فإنّها ما زالت تفتقر إلى أيّ بعد تأسيسيّ أو تنظيريّ، لذا ينشغل هذا ‏الكتاب بالتركيز على مراجعة التجربة العسكريّة، التي حكمت التجربة الوطنيّة الفلسطينيّة المعاصرة، من مختلف جوانبها، بطريقةٍ نقديّة ‏موضوعيّة ومسؤولة.‏ ‎ ‎ ورغم تأكيد الكتاب على مشروعيّة المقاومة بكلّ أشكالها، والإفتخار بروح التضحية والكفاح عند شعب فلسطين، إلاّ أنّه يمثّل محاولةُ – ‏ولو متأخرةٌ – للتفكر والتبصّر في تلك التجربة أيضاً، بعيداً عن الأهواء والرغبات والشعارات، وبالإستناد إلى الإحصائيات والمآلات ‏السياسيّة.‏ ‎ ‎ لذا، فالكتاب بمثابة دعوةٍ للتفكير في أشكال النضال الممكنة، والأنسب، والأكثر ديمومةً وجدوى في الصراع مع إسرائيل والتأثير عليها ‏دولةً ومجتمعاً.‏ ‎ ‎ وقد يفيد التنويه إلى أن الكاتب كان عرض معظم الأفكار والإستنتاجات، الّتي يتضمّنها الكتاب؛ في عشرات المقالات والدراسات خلال ‏العقود الثلاثة الماضية، بيد إنّ ما يميّزها هنا هو أنّها غدت مسّودةً ومؤيدةً من الواقع والتجربة.‏ ‎ ‎ إن هذا الكتاب جزءٌ من مشروع نقد التجربة الوطنيّة الفلسطينيّة الّذي بدأ الكاتب الإشتغال عليه في كتابيه: "الثورة المجهضة: قراءة نقديّة ‏في إشكاليات التجربة الوطنية الفلسطينية"، و"فتح: 50 عاماً: قراءة في مآلات حركةٍ وطنيّة".