-
/ عربي / USD
في كتاب الدكتورة مستورة العرابي "صناعة المعنى في شعر محمد إبراهيم يعقوب – مقاربة سيميائية" لا تقف المعرفة الأكاديمية والإنضباط المنهجيّ في منأىِّ عن الذائقة الفردية الصافية التي تتعطش إلى الجديد من مداخل النقد ومقارباته. ففي هذا الجهد النوعيّ العميق توظّف الناقدة – وهي شاعرةٌ مرهفةً – إحساسه باللغة وتشكلاتها البصرية والصوتية، إلى أقصى حدّ، لبلوغ معنى النصّ الشعريّ، وملاحقة إيماءاته البعيدة. ولا تسعى الباحثة وراء معنىً لفظيّ، مجرّد، يشكّل قوام القصيدة ومركز دلالتها، بل تسعى إلى ما يسبق ذلك التلفّظ اللغويّ، إلى ما يقع خارج اللغة وتشكيلها الملموس بكلّ ما فيه من حسّيةٍ، وتوهّج. لذلكِ، فإن الكثير مما يحيط بالنصّ ويسهم في تشكيل دلالته أو موقفه من العالم يكون، عن وعي ومعرفة، عرضةً للفحص النقديّ، الذي يفكّك، ويصنّف، ويستقصي وصولاً إلى تأويل النصّ وإستخلاص مراميه وتوجّهاته. وهكذا يكتشف الملتقّي، في النهاية، أن تشكيل معنى القصيدة ليس وليد كيانها اللفظيّ وحده، بل يضاف إليه عددٌ من العناصر مجتمعةً تقع وراء أقمطة النصّ وقشرته اللغوية: الكتلة والفراغ، تصميم الغلاف وألوانه، حجم الحرف وتناثره، وجدل البياض والسواد... ويُحسب للدكتورة مستورة العرابي أنها لا تحشر إجتهاداتها في فضاءٍ من التجريد أو اللعب الشكليّ المحض، ولا تعزل النصّ عن روافده النفسية والإجتماعية والثقافية، لكنها تشدُّ النصّ، دلالةً وتشكيلاتٍ، إلى كل هذه المحفزات الحياتية المتشابكة.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد