العبادات بأركانها وواجباتها وشروطها وسننها من أعظم الشعائر التي تصوغ شخصية المسلم بما تشتمل عليه من جوانب عَقدية وروحية واجتماعية، فكان من الواجب الاستمرار في إبراز أحكامها وتوضيح ضوابطها.
وقد اشتمل هذا الكتاب على بيان لأحكام وضوابط الواجبات المتعلقة بالعبادات (الوضوء والصلاة والزكاة والصوم)، أي: أعمال العبادات التي أخذت حكم (الواجب) في بعض المذاهب الفقهية؛ حيث يعتبر هذا الحكم في تلك المذاهب أحد أقسام الحكم التكليفي، ويكون في مرتبة بين الفرض والندب، وأحياناً يراد به السنة المؤكدة، وبيان أوجه الشبه والاختلاف بينه وبين الفرض، وبقية الأحكام التكليفية الأخرى، والأحكام الفقهية المترتبة على ذلك، بالإضافة إلى بيان آراء المذاهب الفقهية الأخرى في الحكم التكليفي لتلك العبادات من حيث الاتفاق والاختلاف، مع الأدلة والحجج التي استندوا إليها في اعتبار ذلك الحكم. ولم يتم التعرض للواجبات في الحج؛ لأن الجميع متفق على أن للحج أركان وواجبات، وإنما الخلاف حصل في غيره من العبادات.
وقد خلصت الدراسة في هذا الكتاب إلى مجموعة من النتائج العلمية المتعلقة بمصطلح الواجب – بمعناه الخاص عند بعض المذاهب – تؤكد أن مقتضى الاستعمال الشرعي واللغوي يؤيد مسلك الفقهاء الذين فرقوا بين مصطلحي الفرض والواجب، وذلك من حيث قوة الدليل، والاعتقاد، والآثار الفقهية المترتبة على كل منهما، الأمر الذي يؤدي إلى إزالة اللبس والغموض عن المصطلح، دون حاجة لنصب القرائن والفروق عند الاستعمال.
في هذا الكتاب الكثير من الفوائد الأصولية والفقهية والحديثية، التي تثري حصيلة القارئ وطلبة العلوم الشرعية على وجه الخصوص، كل في مجال تخصصه.