-
/ عربي / USD
يستعرض كتاب "مدينة نزوى"، لمؤلفه عبدالرحمن السليماني، تاريخ نزوى في عمان، والمراحل التي عاشتها، والأحداث التي جرت فيها، مقدماً لمحة عامة عن أهميتها السياسية.
ويبين السليماني أن عمر المدينة وتاريخ الحضارة فيها، سابق على الفترة التي قدم إليها فيها الأزد، أي قبل 1500 عام. ويشرح السليماني أحداث وقصة قدوم الأزد إلى عُمان بقيادة مالك بن فهم، حيث كانت تحت حكم الفرس، إلى أن أجلاهم منها.
كما يلفت إلى أنه تعد معركة المجازة التي وقعت سنة 793م، والانتصار الذي حققه العُمانيون بقيادة حملة العلم والعلماء، على بني الجلندي، أعوان الدولة العباسية، تحولاً مهماً في مجريات الأحداث بالبلاد، إذ شكلت تلك المعركة، التمهيد الأساسي والبداية الحقيقية لقيام الإمامة الإباضية الثانية.
ويلمح المؤلف إلى أنه كانت عمان، قبل "المجازة"، مركزاً لبني الجلندي.
ولكن تغيرت الحال، بعدها، إذ توجَّه العلماء إلى نزوى وعقدوا مؤتمراً برئاسة العلاَّمة موسى بن أبي جابر الذي وقع اختياره على محمد بن المعلى الكندي لتولي الإمامة، باعتباره أحد حملة العلم إلى عُمان.
وهو من أسهم في القضاء على بني الجلندي، كما اتصف بالعلم والفضل، ما أهله إلى أن يقع عليه اختيار العلاَّمة موسى لتولي الإمامة. والظاهر أنَّ الشيخ محمد بن المعلى وافق على تولي المنصب شرط أن لايقطع الشرى: (مجاهدة الأعداء)، إلا أن الشيخ موسى كره أن يوليه الإمامة من دون قطع الشرى، فوجَّه العلاَّمة موسى أنظاره إلى محمد بن أبي عفَّان لتولي هذا المنصب وقد وافق بدوره على قطع الشرى. وكان اليوم الذي تولى فيه محمد بن أبي عفَّان الإمامة، الجمعة (بعد العصر) لسبع بقين من شهر رمضان، سنة 793م.
وكان لقيام الإمامة وإعلانها في عُمان، طبقاً لما يشير إليه المؤلف، أهمية كبيرة في استقرار الأوضاع وخفوت المعارضات. ثمَّ إنَّه، وبتطبيق الإباضية لمبدأ الشورى في اختيار أئمة هذه الدولة، حافظوا على مكسب أساسي وهو وحدة الأمة العُمانية وقوَّتها، فضلاً عن ذلك فإنَّ العلماء حقَّقوا فيما بينهم، وحدة وشكَّلوا جسماً صلباً.
كما تمكَّنوا من تطبيق المبادئ الإباضية في العلن. ومن النتائج ذات الأهمية لإعلان العُمانيين الإمامة سنة 177هـ/793م، تجدد الصراع بينهم وبين الدولة العباسية. فما كادت الإمامة الإباضية الجديدة تستقر، حتى أرسل العباسيون، حملة عسكرية للقضاء على كيانها، نظراً لأنَّ هذه الدولة الوليدة أصبحت حجر الزاوية ومركز الثقل السياسي والحضاري في المذهب الإباضي ودعاته في المشرق.
في وقت زالت فيه الدول التي كوَّنتها الإباضية في اليمن وحضرموت والحجاز، وانتقل آخر أئمة الإباضية من البصرة إلى عُمان. ومن النتائج ذات الأهمية لقيام الإمامة الإباضية الثانية، نقل العاصمة الإباضية من صحار إلى نزوى، بحيث أصبحت نزوى مركزها الرئيس طوال عهد الإمامة الإباضية الثانية، وفي فترات لاحقة من التاريخ العُماني.
ويقدم السليماني شرحاً موسعاً عن الإباضية، موضحاً أنها ترى الإمامة فرض واجب على الأمة، ونظراً لأهمية منصب الإمامة ومن يقوم بها، وضع العلماء شروطاً يجب توافرها فيه، ومنها: أن يكون رجلاً حراً بالغاً مسلماً سليم الحواس والعقل ليس به عاهة، ألاَّ يكون ضعيفاً مداهناً، أن يكون من أهل العلم والورع، أن يعمل بالشورى.
ويلفت المؤلف إلى أنه قسَّم علماء الإباضية الإمامة، إلى أربعة أقسام، عرفت بمسالك الدين، وهي: إمامة الظهور والدفاع والشراء والكتمان. وتعاقب على الإمامة: الإمام محمد بن أبي عفَّان 177-179هـ /793-795م، الإمام الوارث بن كعب الخروصي 179-192 هـ/795-807م، الإمام غسَّان بن عبدالله اليحمدي.
ويوضح السليماني أنه خلال فترة إمامة راشد بن النظر، وقعت الفتنة في عُمان، وكثرت المحنة واختلفت الناس في دينها وافترق رأي الإباضي في البلاد.
ووقعت البراءات.. واشتدت العداوات.. وكثرت بينها السير والأقوال. ومن أهم المعارك التي وقعت بين أهل عُمان، نتيجة عزل الإمام السلط: الرستاق، التي هزم فيها أتباع راشد بن النظر.
ويختم المؤلف مبيناً أنه كانت الحرب الأهلية التي أعقبت عزل السلط بن مالك، معول هدمٍ في جسم الإمامة الإباضية، الأمر الذي آذن بسقوطها سنة 280هـ/893م.
أنور محمد
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد