لكلّ كاتب خطابُهُ، أو بالأحرى هو يجتهدُ ويسعى ويشقى حتى يتمكن من تأليف خطابه على النحو الذي نعاينه هنا في هذا المفتتح، وحين ينجحُ في مسعاه ويثمرُ شقاؤة خطاباً خاصاً متميزاً له تقاليده وحدودهُ ومناخهُ ولونهُ ومزاجهُ المتفردُ، يحقُّ له عند ذلك ان يقدم أوراق إعتماده عضواً في...
لكلّ كاتب خطابُهُ، أو بالأحرى هو يجتهدُ ويسعى ويشقى حتى يتمكن من تأليف خطابه على النحو الذي نعاينه هنا في هذا المفتتح، وحين ينجحُ في مسعاه ويثمرُ شقاؤة خطاباً خاصاً متميزاً له تقاليده وحدودهُ ومناخهُ ولونهُ ومزاجهُ المتفردُ، يحقُّ له عند ذلك ان يقدم أوراق إعتماده عضواً في نادي الخطابات الأصيلة، ويكون بوسعه التعبير عن نفسه وكينونته بلا ريبة أو خوف أو تحسّبِ أو تلكّؤ.
كتابنا هذا الموسوم بــ"تجلَّي الخطاب النقدي - من النظريّة إلى الممارسة" هو كتابٌ تأمليٍّ ثقافي، رؤيويّ، نقديّ، وإجرائيّ في آن، يجمع بين دفتيه شبكةً متضافرةً من الأفكار والقيم والفضاءات الرؤيوية والقراءات التي تنهض على تفاعلية نصيّة مكتنزة وحيوية وناشطة، وتعكس قراءتُها بالمجملِ تجليّ مرايا الخطاب، حيثُ تمكنُ الحريةُ ويتجلّى الأملُ ويتَسعُ حجمُ الصورة، ويتداخلُ الأنا بالآخر في ستراتيجية تمثيل مشتركة، تتشابكُ فيها سبلُ العمل وأدواتُ التشكيلَ وخصوصيات الرؤية، من أجل بلوغ مرتبة عُليا وقصيّة من مناطق التجربة الثريّة الغنيّة الخصبة، تجربة الحياة الحرّة، والقراءة الحرّة، والكتابة الحرّة، والتجلّي الحرّ، وصولاً إلى تحقّق مرحلة الخطاب الحرّ وهو يجوبُ بلذّةِ وتطلَع غابات الفكر وبحارَ المعنى، ليقول في النهاية كلمته الجوهرة بلا قيود.
وبناء عليه، قسم الكتاب إلى إحدى عشر فصلاً توزعت على الموضوعات التالية: الفصل الأول: "خطاب النظريّة والثّقافة"، الفصل الثاني: "خطاب الثقافة"، الفصل الثالث: "خطاب الرؤيا"، الفصل الرابع: "تجربة الكتابة النقديّة"، الفصل الخامس: "التجربة النقديّة: من النظريّة إلى النصّ"، الفصل السادس: "التناص رؤية في الأصول والمقولات"، الفصل السابع: "قضاء التعالق النصيّ"، الفصل الثامن: "الدفاع عن الأنموذج الشاعر في مواجهة الآخر"، الفصل التاسع: "نقد الشعر: الرؤية والمسار"، الفصل العاشر: "الخطاب النقديّ وصوت الناقد"، الفصل الحادي عشر: "المفاضلة بين فنّ الترسّل وفنّ الشعر إشكالية الدفاع عن الأنموذج".