منذ الصفحة الأولى لرواية "نزهة الخاطر" للكاتب الجزائري أمين الزاوي لا يقع القارئ للرواية على مادة حَدَثيَّة يمكن قراءتها وتأويلها للخروج بنتائج معينة، فكأن الروي هو غاية بذاته وليس وسيلة لقول أشياء بعينها.وبتلمس الخيوط السردية وتتبُعها، نقع على مجموعة من الشخصيات...
منذ الصفحة الأولى لرواية "نزهة الخاطر" للكاتب الجزائري أمين الزاوي لا يقع القارئ للرواية على مادة حَدَثيَّة يمكن قراءتها وتأويلها للخروج بنتائج معينة، فكأن الروي هو غاية بذاته وليس وسيلة لقول أشياء بعينها.
وبتلمس الخيوط السردية وتتبُعها، نقع على مجموعة من الشخصيات المواربة، التي تعيش لذاتها، وتؤول غالباً إلى مصائر قاتمة. تثير الرواية إشكالات ايديولوجية شتى، فهي تربك وترهب المتلقي الذي اعتاد على خطاب مسالم يمجد خطية الأحداث، وواقعية الشخصيات. والمفارقة هنا، أن الروائي وعبر فضاء الروي يختار موضوع حب أخ لأخيه حب أنزار لأخيه مازار، ويختار في سرد وقائعه شخصية العمة فاطمة الجذابة والمحبة لجنس الرجال، تبدلهم كما تبدل الألبسة، حيث حدث أن تزوجت رجلاً يصغرها بسنوات، كما تزوجت بشيخ في عمر جدها، وهي شديدة الإغواء. وهذا يؤشر على اقتحام الروائي في حكاياته الثالوث المحرَّم بنظر البعض، ولكن يمكن أن يكون بوقائعه بقي وفياً لأحاديث وجدانية تخص الإنسان في حياته الحميمة المبطّنة بالخوف، حيث يتجلى الحذر والنفور على معظم شخوص الرواية ويتمظهر في سلوكات خاطئة تتصادم مع المحيط الاجتماعي الذي يحتضنها، هذه الحكاية بهوامشها وانزياحاتها قدمها أمين الزاوي بلغة سلسة، سهلة، تؤثر المباشرة، وتتخفف من الإنشائيات، وتعتمد خطاباً روائياً جريئاً يصطنع فيه راوياً كلّي العلم يبدو واحداً على رغم تعدد الرواة في الظاهر وفي مساحات سردية متقاربة، ويكون على القارئ أن ينسل خيط الحكاية منها جميعاً...