هذا كتاب طموح، ولكنَه ليس بدعياً. إنه طموح لأنَه يحاول – ضمن حيز الصفحات القليلة نسبياً- أن يوضح التاريخ المتنوع لعلم الإنثروبولوجيا. وقد ارتبطت أسبقياتنا وحذوفاتنا وتأويلاتنا بالمناقشة والتنفيذ، حيث إنَه لا وجود لتاريخ منفرد ذي حجة لأي شي، وأقلها حقلاً باسطاً ذراعيه، حقل...
هذا كتاب طموح، ولكنَه ليس بدعياً. إنه طموح لأنَه يحاول – ضمن حيز الصفحات القليلة نسبياً- أن يوضح التاريخ المتنوع لعلم الإنثروبولوجيا. وقد ارتبطت أسبقياتنا وحذوفاتنا وتأويلاتنا بالمناقشة والتنفيذ، حيث إنَه لا وجود لتاريخ منفرد ذي حجة لأي شي، وأقلها حقلاً باسطاً ذراعيه، حقل ديناميكيَ وموضع خلاف مثل حقل الأنثروبولوجيا. ومع ذلك، فالكتاب لا يزال بسيطاً، حيث إنَ هدفنا في كل العمل أن نقدم عملاً متزناً ومتوازناً للنمو التاريخي للأنثروبولوجيا كفرعٍ من فروع المعرفة الإنسانية، وليس تقديم إعادة تأويل جذرية له. ثمَة أدبيات علمية متنامية عن تاريخ الأنثروبولوجيا، والتي لا يحاول هذا الكتاب المنهجي أن يتنافس معها. وعلى الرغم من ذلك، لا نعرف عن كتاب بمثل هذا المدى كما في هذا الكتاب على نحو مضبوط، إذ غالباً ما تكون الأدبيات العلمية تفصيلية، والكتب القائمة عن التاريخ الأنثروبولوجي إما نظرية التوجه في الأكثر، أو ملتزمة بواحدة أو القليل من التقاليد المهنية. ورغم أننا قد لا ننجح دائماً، فقد ناضلنا لإعطاء انطباع عن التطورات الموازية والمتقاربة والمتداخلة للتقاليد الرئيسة في الأنثروبولوجيا الإجتماعية والثقافية.
والكتاب منظم زمنياً بدءاً بـ "أوليات الأنثروبولوجيا" من اليونان العتيقة إلى عصر التنوير، ويستمر مع ابتكار الأنثروبولوجيا الأكاديمية، وتنامي علم الإجتماع الكلاسيكي خلال القرن التاسع عشر. يركز الفصل الثالث على أربعة وجال ممن يعتبرون –بالإجماع العام- الآباء المؤسسين لأنثروبولوجيا القرن العشرين، بينما يشير الفصل الرابع إلى كيف أنَ عملهم استمر وتنوع من قبل الطلبة. ويتعامل كلا الفصلين الخامس والسادس مع نفس الفترة، من حوالي 1946 إلى1968، ولكنَهما يركزان على التيارات المختلفة، حيث يناقش الفصل الخامس الجدالات النظرية المحيطة بمفاهيم المجتمع والإدماج الإجتماعي، بينما يغطي الفصل السادس مفاهيم الثقافة والمعنى الرمزي. وفي الفصل السابع، عرضت الإضطرابات الثقافية والسياسية للستينيات والسبعينيات، مع التشدد على الدوافع المنبثقة من الحركة الماركسية والحركة النسوية. ويتعامل الفصل الثامن مع الثمانينيات، مركزاً على حركة ما بعد الحداثة، وقريبتها: حركة ما بعد الإستعمار، وهما تياران نقديان اثنان، تحديا بصورة جدية الثقة الذاتية لميدان العلم، فيما يعرض الفصل التاسع والأخير للقليل من تيارات ما بعد الحداثة الرئيسية التي ظهرت في التسعينيات.