لا يمكن للنصوص أن تخرج من العدم، هي حتماً محكيات ناتجة من واقع معين، وتكمن بلاغة النص والأدب عموماً في قدرته على خلق مساحة من التواصل الفعال بين الكاتب ومن يتلقاه، وهو ما نجح "مازن محمد" الآتي من عالم الطب في نقله عبر "مذكرات ميت" التي تشكل في مضمونها حالة خاصة عاشها الكاتب...
لا يمكن للنصوص أن تخرج من العدم، هي حتماً محكيات ناتجة من واقع معين، وتكمن بلاغة النص والأدب عموماً في قدرته على خلق مساحة من التواصل الفعال بين الكاتب ومن يتلقاه، وهو ما نجح "مازن محمد" الآتي من عالم الطب في نقله عبر "مذكرات ميت" التي تشكل في مضمونها حالة خاصة عاشها الكاتب وجسَّدها عبر رؤية قصصية يسجل فيها، لا بل يستنطق حركة الناس المرضى من حوله في المستشفى، ويتجسد هذا المنظور القصصي الجديد في حبكته الفنية في مستويات دلالية متعددة نبتت إرساليتها في عدة اتجاهات، فالقصص عند مازن محمد يتوفر على قدر من التنوع والتداخل الذي يعكس حركة الحياة، وليس مجرد محاكاة سطحية للواقع.
يضم الكتاب (90) قصة قصيرة جداً هي عبارة عن التقاطات، أو قفشات، أو صور توحي بأكثر من معنى من مثل: "أنا لست صالحاً للاستهلاك البشري، من يقترب من حدودي سيلقى حتفه، وقد أعذر من أنذر" أو "مكبرات الصوت في الخارج تنادي: أين الميت رقم [4] أنا لا أذكر شيئاً، أخشى أنهم يبحثون عني!".
قدم للكتاب بكلمة الدكتورة زكية بنت محمد العتيبي/ أستاذ البلاغة والنقد تقول فيها: "مذكرات ميت":... هذا البوح الفلسفي الممتع، جمع صاحبه بين براعة التصميم، وبراعة الفكر والكلمة، لن تمل عزيزي القارئ من عباراته الفلسفية، ورمزيته الجميلة المهذبة، هذا الابداع في نظري، يستحق أن يحتل موائد النقاد، كتجربة شبابية أحسن مؤلفها في إيجاد التناغم بين العتبات والنص".