في كتابه "اكتساب اللغة في الفكر العربي القديم" يحاول الدكتور محمد الأوزاعي تقديم تصور المفكرين العرب القدامى لقوى النفس وأثرها على عملية التعلم واكتساب اللغة، من هنا فالكاتب يعد عمله شروعاً في بلورة اللسانيات النفسية المنجزة في إطار فكر كسبي كما بناه القدماء بفروعه...
في كتابه "اكتساب اللغة في الفكر العربي القديم" يحاول الدكتور محمد الأوزاعي تقديم تصور المفكرين العرب القدامى لقوى النفس وأثرها على عملية التعلم واكتساب اللغة، من هنا فالكاتب يعد عمله شروعاً في بلورة اللسانيات النفسية المنجزة في إطار فكر كسبي كما بناه القدماء بفروعه المختلفة في شتى العلوم الإنسانية والعلوم البحتة والطبيعية، وهي تتخذ من تشاكل الأطر ذات البنيوية في نسق العربية وفي تركيب الملكات الذهنية موضوعاً للبحث، حتى إذا وُصف الوصف العلمي المطلوب أمكن توظيف نتائجه في البرمجة الحاسوبية لأفعال ذهنية.. في هذا الإطار فإن مسعى الكاتب من عمله هذا تكوين حقل اللسانيات الزمنية بالكشف عن الخيط الرابط بين علوم ثلاثة، أولها علم النفس الطبيعي، كما زاوله ابن سينا في أعماله الفلسفية والطبية، وثانيها علم المناهج، كما وصفه ابن سينا في كتبه المنطقية ومارسه الأصوليون في تحصيل المعرفة الوضعية وثالثها علوم العربية، كما استخدمها قدماء اللسانيين في وصف اللغة، أو توسل بها المسفرون لفهم الخطاب القرآني وتحديد مقاصده.
وبالنظر إلى أن أعمال المفكرين القدامى يحكمهم "مبدأين أولين متغايرين يؤسس أحدهما مذهبا طبعياً والآخر مذهباً كسبياً إليه ينتمي الفكر العربي"، فإن البحث في هذا الكتاب يتوسل الكشف عن الموضوعات الخاصة باللسانيات النفسية وهو موجه إلى ذوي الاختصاص ومثلهم من المشاركين والمهتمين في حقل اللغة، وحيث سيجد القارئ لهذا الكتاب حلولاً مقترحة لجملة من الإشكالات حول طبيعة "معرفة واكتساب الشيء المسمى لغة" وقد تم ذلك في الكتاب في ثلاثة أقسام: يبحث القسم الأول في "قوى المعرفة والتعلّم" بينما يبحث القسم الثاني في "الملكة اللسانية طرق المعرفة والاكتساب" ويركز القسم الثالث على "القصرُ معرفته واكتسابه".