تتصل الدراسة التي بين أيدينا بنوع الأعمال التي تندرج عموما في الأنموذج التوليدي الذي يعتبر اللغة نسقاً دهنياً توليديا يتوسل غلى رصده بأنحاء صورية ذات أسس منطقية –رياضية سواء تعلق الأمر بخصائص هذا النسق الصواتية أو التركيبية أو الدلالية أو الذريعية، وهي أعمال حققت في...

تتصل الدراسة التي بين أيدينا بنوع الأعمال التي تندرج عموما في الأنموذج التوليدي الذي يعتبر اللغة نسقاً دهنياً توليديا يتوسل غلى رصده بأنحاء صورية ذات أسس منطقية –رياضية سواء تعلق الأمر بخصائص هذا النسق الصواتية أو التركيبية أو الدلالية أو الذريعية، وهي أعمال حققت في المغرب منذ سبعينات القرن العشرين حتى الآن، بعض التراكم المعرفي القيم الذي كان له أثر نسبي ملحوظ في تصور الموضوع اللغوي ومناهج دراسته في الجامعة المغربية. وذلك من حيث سعيه إلى إنتاج خطاب لساني عربي ذي سمات جديدة مخصوصة من ابرزها سمتا العقلانية والكونية المرتبطتين بممارسة عملية قوامها التفسير والصورنة وبناء النماذج الإستدلالية المقارنة الرامية إلى استكشاف الكليات في لغات البشر.
لقد قام هذا الخطاب على تناول ظواهر اللغة العربية في إطار لسانيات مقارنة، وكان من أبرز أهدافه أنحاء عصرية لوصف اللغة العربية في بنيتها الحالية وبنيتها القديمة ووصف لهجاتها، والإفادة من نتائج هذه الأبحاث الأساسية في تطوير مجالات أساسية أخرى عديدة تهم خدمة اللغة العربية منها بمجالات المعالجة الآلية والصناعة القاموسية وأدوات تعليم اللغة ومناهج دراستها.

وشكلت هذه الأهداف وما يتفرع منها من قضايا نظرية وتطبيقية المجال التصوري الذي اندرج فيه البحث اللساني العربي في المغرب، وهو مجال ارتبط في بعده العام بالمرتكزات الإبسيمولوجية للثورة العلمية والمعرفية الحديثة، وسعى إلى تطوير الفكر اللغوي العربي الذي ظل تقليديا في جوهره والإنتقال به إلى ممارسة معرفية جديدة من حيث النوع، إطارها أنموذج علمي يعتبر اللغة قدرة معرفية بشرية، من جهة، ونسقاً توليديا، من جهة أخرى، ومنهجها الإستدلال الواضح ذو الطبيعة الرياضية، وهدفها التفسير.

وفي هذا المجال يسعى الكتاب إلى توضيح جملة من أبرز المفاهيم اللسانية التوليدية من خلال قسمين اثنين: يتعلق الأول بمجموعة من المفاهيم النظرية والمنهجية التي تقوم عليها النظرية اللسانية. ويتعلق الثاني بمفاهيم تخص علاقة النظرية اللسانية بالإكتساب. ويشكل القسمان من المفاهيم أساسا معرفياً لا غنى عنه لكل مشتغل بالنظرية اللسانية، على العموم، واللسانيات التوليدية على وجه الخصوص.