هل تختلف الكويت ولو قليلا عن الدول العربية في أعرافها السياسية؟ وهل يقل عدد الدوائر الحمراء المطوقة خاصرة النظام السياسي فيها؟ وهل طريق البحث عن الحقيقة في بلد كالكويت ممهدًا أمام الباحثين عنها، أم هبت عليه لفحات من الرياح الشمالية والجنوبية الحاجبة للرؤية فاختلطت برياحه...
هل تختلف الكويت ولو قليلا عن الدول العربية في أعرافها السياسية؟ وهل يقل عدد الدوائر الحمراء المطوقة خاصرة النظام السياسي فيها؟ وهل طريق البحث عن الحقيقة في بلد كالكويت ممهدًا أمام الباحثين عنها، أم هبت عليه لفحات من الرياح الشمالية والجنوبية الحاجبة للرؤية فاختلطت برياحه المتربية وأجوائه غير المستقّرة، فزادته غبارًا وأسوارًا؟ كل ذلك سيتضح لنا عندما نصل إلى نهاية الطريق، فنقدم للقراء ولأنفسنا ما خرجنا به بعد رحلة البحث عن الحقيقة بحلوها ومرّها. يطرح هذا الكتاب قضية سياسية عالمية الهوية، واجتماعية كويتية الشخصية، فالدولة المدنية، كنظام سياسي، عرفها كثير من دول العالم، من قبلنا، لكن المأزق الحضاري الذي وقعنا فيه، هو شأن الكويتي، ذو ملامح خليجية وبصمات عربية، وأخرى إسلامية شديدة الوضوح والإلحاح، فرضت نفسها بحكم النسيج الاجتماعي الكويتي الحديث نسبيًا، والمخالف لتركيبة الخمسينات والستينات من القرن الماضي الذي رحل ورحلت معه العقول التي دبرت وأرست وعززت مشروع الدولة المدنية، واللحاق بركب الديمقراطية الذي لم يلحق به الكثيرون من مجتمعات العالم الثالث العربية الإسلامية. في هذا الكتاب محاولة متواضعة لتشخيص العيوب التي لحقت بالتجربة الديمقراطية الكويتية التي ناهز عمرها الخمسين عامًا، والتي أخفقت خلالها أعوامًا، وتوقفت مسيرتها أعوامًا أخرى، فتعثرت معها توأمها ورديفها "الدولة المدنية" التي أرسى قواعدها المؤسسون من جيل الخمسينيات والستينيات في القرن المنصرم، ثم حاول الجيل الجديد هدمها وتغيير ملامحها الغربية لتتناسب مع المواصفات والمقاييس التي أرادوها للنظام السياسي الكويتي، وخاضوا من أجل تحقيق ذلك صراعًا مذمومًا مع التيارات الأخرى الرافضة للتغيير، والتراجع عن الثوب الحضاري لدولتهم المدنية، مما أدخل البلاد في دوامة من الأزمات السياسية بين التيارات المتصارعة والمتواجدة في السلطتين التشريعية والتنفيذية.