"موت ناعم" رواية إجتماعية تنطوي على فهم سايكولوجي لذهنية المرأة، اختصر بها أحمد طيباوي تاريخ النساء في هذه المنطقة من العالم الذي يعيد نفسه كل يوم، ويشي أن قدر المرأة هو الخضوع للرجل وللمجتمع، فحكاية "سعاد" في هذه الرواية هي حكاية كل امرأة عربية مع فارق مهم، هو المحاولة،...
"موت ناعم" رواية إجتماعية تنطوي على فهم سايكولوجي لذهنية المرأة، اختصر بها أحمد طيباوي تاريخ النساء في هذه المنطقة من العالم الذي يعيد نفسه كل يوم، ويشي أن قدر المرأة هو الخضوع للرجل وللمجتمع، فحكاية "سعاد" في هذه الرواية هي حكاية كل امرأة عربية مع فارق مهم، هو المحاولة، للخروج من النفق واكتشاف الذات.
على المستوى النصّي، تبدأ الرواية بالشجن وتنتهي به، وعلى المستوى الوقائعي. تبدأ عندما تقرر سعاد الهروب من الفشل إلى النجاح، والإصرار على بعث الحياة في الأحلام المحنطة. في تلك اللحظة بدأت بسؤال الذات: هل نجحت في كل ذلك؟ هل كان عليّ أن أنجح؟ ليس مهماً مدى نجاحي؟ المهم هو أني حاولت أن أستخرج من أعماقي إكسير الحياة الحقيقية، وقد نلت شرف المحاولة مهما كان الحصاد مريراً ...
والرواية في مضمونها تشكل نظرة المرأة العربية ولا سيما التي حصلت على درجات عالية من الكفاءة والعلم إلى العلاقة مع الرجل، عن أي رجل تبحث، هل تريده رومانسي، أم تريده تقليدي، أم تريده قوياً ناجحاً، ويفعل الروائي ذلك من خلال عدد من الشخصيات الأنثوية، حيث تسجل كل واحدة منهن تجربتها مع الرجل، ومع المجتمع الذي تنتمي إليه، ومن هذا المشهد، ينتقل الروائي إلى المشهد السياسي العام في البلاد ويفعل ذلك من خلال شخصية "كريم" الصحافي الملتزم بقضية بلاده نحو الحرية، والذي تبخرت كل آماله على صخرة الواقع "إنهم يحافظون على توازنات الحكم ... ويتناسون بلداً تختل موازينه على نحو مرعب، أصبح للصوص مناصب رسمية، فمن يحاسب من؟!". ما قرار بطلة الرواية الرحيل وترك الوطن، إلا جزئية من مشاهد كثيرة ليس في وطنها فحسب، بل في كافة أرجاء الوطن العربي، وانعكاساً لخيبات الأمل "سأترك ملامحي ظلالاً ترقص على أهازيج العتمة. سأترك كل شيء ... هم والمدينة والظلام، وأنا أعرف أن موسماً للرحيل لن يكون حافلاً إلا بأضغاث البدايات، ويطالعني من شرفات زمني القادم سؤال: ترى هل سيكون رحيلي موتاً أم حياة لأسئلة لا تنتهي؟!!
ربما اراد أحمد طيباوي من (موت ناعم) القول لنا أن لكل منا روايته، ولا أحد يكتب رواية عن أحد، ومن لم يكتب روايته بنفسه لا رواية له. هي حيوات بشر، وحكايات أوطان، تحكي غربتها وشظيها من داخل غربتها وغربة النص الذي يبدو أنه يبحث عمن يكتبه أو يتممه ليكمل حياة كل إنسان في هذا الشرق الجريح.
يذكر، أن "موت ناعم" هي الرواية الفائزة بالمرتبة الثالثة (جائزة الطيب صالح) دورة 2014.