في جديده الشعري "لا تجرح الماء" تبدو الكتابة عند الشاعر أحمد قِرّان الزهراني هماً حياتياً وواجباً إنسانياً، فمنذ عتبة الإهداء الأولى حرّص الشاعر على الإقامة في المنطقة الشعرية الساخنة "للغرباء في أوطانهم .. كسرة خبز .. قطرة ماء .. رداء شفيف .. وفضاء حرية!!".وبهذا المعنى، يتخذ...
في جديده الشعري "لا تجرح الماء" تبدو الكتابة عند الشاعر أحمد قِرّان الزهراني هماً حياتياً وواجباً إنسانياً، فمنذ عتبة الإهداء الأولى حرّص الشاعر على الإقامة في المنطقة الشعرية الساخنة "للغرباء في أوطانهم .. كسرة خبز .. قطرة ماء .. رداء شفيف .. وفضاء حرية!!".
وبهذا المعنى، يتخذ الزهراني صيغة هي أقرب إلى التقريع المباشر، والسخرية المريرة من كل مفاصل الحياة والعلاقات الثنائية المعروفة (الحياة والموت) ، (الظلم والعدل)، (الحضور والغياب)، وغيرها، وتتشكل وتتشكل الموضوعة الكلية لقصائد الشاعر عبر طاقة تعبيرية متداخلة في تمظهرات اللغة وقدرة الشاعر على الإيحاء بوساطة حمولاتها الأسلوبية الثرة. إن الشاعر هنا يعيش عدداً من المواقف والرؤيات التي تتجسد داخل النسيج الشعري "مروا على باب المدينة عابرين سبيلهم / يستنطقون سنابل الجوعى / على وجلٍ ، / كأن ملامح الغرباء ليلٌ مجدبٌ / وكأن ارصفة المدينة / شرفة للعابرين إلى اقاصي الوجد / موشومون بالحمى / لهم صوت الخريف / يرتلون قصائد الموتى / وقدّاس الحياة (...)". هذه الرؤيات توحي صياغتها وعلى وفق ما تشي به لغة النص إلى المتصاص منظومة من أنساق الألم والحزن وما تختزنه الذات الشاعرة؛ وقى الذاكرة؛ وما يتعالق معها من حركة عناصر التشكيل والبناء والتركيب والإيقاع، وفي بناء صورة تتمظهر من خلالها الحال الشعرية بالحادثة الإنسانية والوطنية الخاصة، ولتشكل في النهاية خطاباً شعرياً واقعياً في أقصى تجلياته.