على حافة التاريخ المغاربي يقف الأثر الروائي الفائز بجائزة نوبل للآداب 2014 للروائي الفرنسي المعروف باتريك موديانو "عشب الليالي" ويحاذر السقوط فيه، وقد عرف صاحبه كيف يشكله في إطار روائي فني استحق عليه جائزة.في الرواية يستلهم باتريك موديانو قصة اختطاف المعارض المغربي اليساري...

على حافة التاريخ المغاربي يقف الأثر الروائي الفائز بجائزة نوبل للآداب 2014 للروائي الفرنسي المعروف باتريك موديانو "عشب الليالي" ويحاذر السقوط فيه، وقد عرف صاحبه كيف يشكله في إطار روائي فني استحق عليه جائزة.
في الرواية يستلهم باتريك موديانو قصة اختطاف المعارض المغربي اليساري "المهدي بن بركة" ويصد المشهد السياسي الوطني في هذه المرحلة من خلال بطله، وهو - كما يبدو في الرواية - شاب يبحث عن الحب وعن أصدقاء غامضين إحداهم شابة وقع البطل في غرامها قبل أن تتورط في قضية بن بركة. عند وقوع هذا الحدث الصاخب والمثير للجدل، كان موديانو في العشرين من عمره.. ويقول عن تلك الفترة: "كانت مرحلة غائمة أو بالأحرى ضبابية، ثم أكن قد بلغت 21 سنه، وكنت حينها أعيش، إلى حد ما، حياة مهاجر سري عابر في باريس، وأرافق أناساُ يرتبطون بشكل غير مباشر، بعالم مشبوه، وأتردد على أمكنة غريبة، وكانت توجد هنا وهناك واقعه وحياته الشخصية لكتابه هذه الرواية، وبحسب النقاد وأصل من خلالها "مقاومته للنسيان وإعادة إحياء الأشخاص والأماكن عبر تصوير شمولي وانطباعي".

وبهذا لا تعود رواية "عشب الليالي" مجرد سيرة فردية لشخصية تاريخية، بل هي سيرة عامة لبلاد شهدت تحولات درامية في النصف الأول من القرن العشرين. نطلّ من خلالها على بوادر المطالبة باستقلال المغرب، وهكذا يتداخل العام بالخاص في الرواية. ويتفاعلان فتغدو نوعاً من التاريخ بقدر ما هي سيرة، ولعل شهرة الشخصية صاحبة السيرة هي التي حتّمت هذا التفاعل. ولعل أيضاً هذه الشخصية تشكّل ترجمة تاريخي للمثقفين المغاربة الذين حملوا على عاتقهم "وثيقة تاريخية تطالب باستقلال المغرب" في 11 يناير 1944م، وكان من نتائجها الأولية اعتقال المهدي بن بركة عاماً على أثر تقديم تلك الوثيقة.