تصور رواية "حارس الموتى" للكاتب اللبناني جورج يرق، مرحلة كان فيها لبنان مسرحاً لصراع الدول الكبرى التي تمدّ براثنها لضرب وحدة الوطن وسياجه الاجتماعي وتوظيف فئة في لعبة سياسية كبرى تفقد فيها زمام السيطرة على أمورها وأمور البلاد والعباد. تدور أحداث الرواية في فضاء الحرب...
تصور رواية "حارس الموتى" للكاتب اللبناني جورج يرق، مرحلة كان فيها لبنان مسرحاً لصراع الدول الكبرى التي تمدّ براثنها لضرب وحدة الوطن وسياجه الاجتماعي وتوظيف فئة في لعبة سياسية كبرى تفقد فيها زمام السيطرة على أمورها وأمور البلاد والعباد. تدور أحداث الرواية في فضاء الحرب الأهلية اللبنانية، وتستعيد صوت القذائف، وثكن المليشيات، وحتى براد الموتى.
نتابع في الرواية حكاية الشاب المولع بالصيد الذي وجد نفسه وعن طريق الخطأ في ظرف غامض مجهداً بالخطر "لم يمرّ في بالي أن يثب رجل من بين النفايات مدمّى، ويطاردني كأني أضمر له شراً" استطاع الشاب الهرب من قريته ولجأ إلى بيروت أثناء الحرب، وهناك يلتحق بإحدى الميليشيات لا حباً بالقتال بل ليأكل ويشرب ويكون له سقف يحميه؛ بعدما تشرد ولمدّة أسبوع في شوارع بيروت، بعد ذلك ينتقل للعمل في برّاد الموتى في أحد المستشفيات، يهندم الجثث ويرتق الأشلاء قبل تسليمها إلى عائلة الفقيد أو الفقيدة.
تتوالى الأحداث في الرواية حتى يتعرّض لضغوط قيادة الميليشيات ليمارس دوره كقناص بسبب براعته في التصويب: "آنذاك يمتنع عن قنص الأبرياء، على العكس من زميله، بو فهد، الذي تتمثل سعادته في قتل المارّة" يرفض أن يكون قاتلاً، لتظهر في الرواية شخصية على قدر عالٍ من الإنسانية، وكأن الحياة بين الموت توقظ مشاعر كامنة، وخاصة عند رؤية فتاة قتيلة، ينظر إليها ويتعامل معها وكأنها على قيد الحياة، يرفض موتها في وعيه، يقول "جسد الفتاة لم يبارحني، جسدها لا جثتها" أما ذروة المشاهد الروائية، فتتمثل في مشهد تحضيره لجثته في أحد الأحلام. ولعل الروائي بهذه الحكاية والخطاب، استطاع أن يقدم للقارئ عملاً روائياً متميزاً، رصد فيه حركات أبطاله وسكناتهم الخارجية، وقاس عواطفهم ومواقفهم أثناء الحرب، وحلّل شخصياتهم، وأطل من الخاص على العام فألقى الضوء على مرحلة عصيبة عاشتها بلاده، وفتح ثغرة في جدار المعاناة