هذا الكتاب موضوع التحقيق والدراسة والتعليق هو من تأليف الفيلسوف الإسلامي الحديث محمد مهدي بن أبي ذر النراقي، (ت1209هـ/1794م)، والذي نكشف فيه ومن خلاله لأول مرة الوجه الفلسفي العميق للفلسفة الإسلامية بعد ابن رشد (ت595هـ/1298م)، وندحض ما قله المستشرقون ومن تابعهم من أن الفلسفة...
هذا الكتاب موضوع التحقيق والدراسة والتعليق هو من تأليف الفيلسوف الإسلامي الحديث محمد مهدي بن أبي ذر النراقي، (ت1209هـ/1794م)، والذي نكشف فيه ومن خلاله لأول مرة الوجه الفلسفي العميق للفلسفة الإسلامية بعد ابن رشد (ت595هـ/1298م)، وندحض ما قله المستشرقون ومن تابعهم من أن الفلسفة الإسلامية قد توقفت بل انتهت بوفاة ابن رشد، أو في أحسن الأحوال بوفاة ابن خلدون (ت808هـ/1406م)، وأنه لا يوجد هنا فيلسوف إسلامي بعدهما يمكن أن يعتدّ به وجدير بالدرس والبحث.
عليه، أقول أني وجدت أن الفلسفة الإسلامية بعد ابن رشد ومن خلال الفيلسوف النراقي وغيره من الفلاسفة الإسلاميين المحدثين من الذين سبقوه من أمثال صدر الدين الشيرازي (ت979هـ/1571م)، ومحمد باقر الداماد (ت1040هـ/1631م)، أو من جاء من بعد النراقي من أمثال الملا هادي السبزاوري (ت1212هـ/1797م)، تشكل برأينا ورأي كل منصف ومدقق لتاريخ الفلسفة، أنها فلسفة لم تنقطع عن الاستمرار في التأليف النسقي المنظم والمعمق لأكبر مشكلات الفلسفة عبر تاريخها الطويل. وإن أخذت وجهتها هذه المرة نحو الشرق بدلا من المغرب العربي.
تمتاز وتتميز هذه الفلسفة بعد ابن رشد أن اتجاهاتها قد تبلورت بشكل منظم حول موضوعات فلسفية درست من قبل لكن الدرس فيها مع هؤلاء تعمق وتوجه هذه المرة نحو موضوعات مثل (أصالة الوجود وعرضيّة الماهية والإشراق والعرفان) إذ تعد هذه الموضوعات من موضوعات التفلسف الميتافيزيقي الخالص، وإن كان قد قابلها في ذات الوقت في العالم الأوروبي الغربي موضوعات تخص نظرية المعرفة بشكل خاص دون إهمال لموضوعات الفلسفة الأخرى، وهو ما وجدناه عند الفلاسفة ديكارت (ت1650م) الذي يعد معصراً للشيرازي، وجون لوك (ت1704) وديفيد هيوم (ت1776) وأخيرا الفيلسوف عمانؤيل كانت (ت1804م)، الذي يعد معاصراً للفيلسوف النراقي.