"ورّاق الحب" للروائي السوري خليل صويلح (منشورات ضفاف / منشورات الإختلاف 2015) هل هي سيرة روائية أم رواية؟ هذا السؤال يطرح نفسه على القارىء كلّما أوغل في القراءة، وكلّما اقترب من شخصية الراوي الذي لم يذكر اسمه، وسنصطلح على تسميته هنا بـ "الورّاق" الذي كما يبدو لنا سلخ ثلاثين عاماً في شبابه في قراءة الروايات ونقدها، حيث يبدأ باعتراف صريح بأنه يكتب رواية "تختزل" الروايات التي قرأها طوال ثلاثين سنة، فهي كتبت "لإشاعة الحبور في روحي المضطربة".
عبر هذه الأجواء تحضر هموم الكتابة فالروائي / الراوي هو البطل الأساسي في الرواية وهو كاتب يحاول التقاط البذرة الأولى التي يبني عليها عالمه الروائي "اعترف بأنني لست روائياً، لكن شغفاً ما أخذ يراودني في كتابة رواية تشد القارىء من أذنيه إلى جحيمها الخاص (...) أحاول الآن إلتقاط البذرة الأولى التي قادتني إلى التفكير بحماقة إنجاز روايتي المزعومة التي حاصرتني فجأة بعد ظهيرة يوم شتائي وأنا أقلّب صفحات كتاب إسمه "تاريخ القراءة" لمؤلف لم أسمع باسمه من قبل يدعى "آلبرتو مانغويل" ... وهكذا لا يكتفي بالراوي أو الورّاق بقراءة كتاب واحد، بل يروح منقباً في تاريخ الأدب عبر العصور يأخذنا معه في جولة ثقافية معرفية نتعرف من خلالها ما في بطون الكتب وأسرارها من دستويفسكي إلى مركيز، مروراً بكونديرا ويوسا، آخذاً من إبن عربي وإبن الرومي والشيرازي، الحكمة والفلسفة، والتفكير الحر عند محمد عبده ورولان بارت، ثم يعود ليقتطف من نظريات ماركس وفرويد نظريات في المجتمع وعلم النفس، ليصل إلى أجواء الشعر عند بورخيس وهنري ميلر وآخرون، فيركب شخصياته من هذا وذاك ويبرر ذلك بالقول إن الحياة ذاتها قائمة على "التناص"، ويثبت لنا في النهاية "أن قانون الرواية يخترق كل القوانين" كما يقول ماركيز.
يبقى أن نشير: نالت رواية "ورّاق الحب" جائزة نجيب محفوظ للرواية من الجامعة الأميركية في القاهرة (2009)، وترجمت إلى الإنجليزية.