-
/ عربي / USD
أوكل إلى اللسانيات اليوم مقود الحركة التأسيسية في المعرفة الإنسانية، ونما هذا الحقل وتشعبت مناويله المنهجية ومقارباته الإجرائية، واقتحم غير مجال من مجالات المعرفة، كالأدب، والتاريخ، والسياسة، والقانون، والمنطق، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، وتقنيات الاختزان الآلي والذكاء الاصطناعي.
وأضحت"التداولية" إحدى المفاتيح الأساسية الخصبة التي أسهمت في حفر جداول جديدة في تضاريس البحث اللساني، تولّد عنها المنزع الشمولي، ودكّت اللسانيات بها حواجز المحظورات؛ إذ عكفت على دراسة ظاهرة التواصل البشري من دون تحفظ أو تردد، من خلال مقارباتها المعرفية الطموحة.
ويحظى الخطاب القانوني بأهمية كبيرة في مجال الحياة الإنسانية؛ لاشتغاله على تنظيم السلوك الاجتماعي، وضبط حدود الحقوق والواجبات بين الأفراد؛ فبه قد يُحكم على إنسان بالإعدام وعلى آخر بالبراءة. وبمقتضاه يكون فعلُ ما مُجرماً وآخر مباحاً.
وربما يصَح القول إنَ القانون من أقرب الحقول المعرفية رحماً إلى اللسانيات؛ انطلاقاً من أنَ"اللغة" هي الأداة والوسيلة الوحيدة التي تحقق اشتغاله. يقف إلى جانب ذلك اهتمامه بضبط لغة الإنسان وسلوكه، فهو يرتَب أثراً قانونياً عليهما إن خرجا من دائرة الضبط وأحدثا ضرراً في الآخرين، وإعمال القوانين – هي الأخرى- وشروحها وتفسيرها كلها مشاغل لسانية.
وقد يكون أحد رهانات الاشتغال على هذا المنوال البحثي هو استثمار المُنجَزَ اللساني في القطاعات المعرفية والإنتاجية، وإيجاد"سوق للبحث" تُروَّج فيه العلوم وتنخرط في ميدان إنتاج المعرفة وطلبها واستهلاك منافعها الإنتاجية والتدبيرية.
تندرج هذه الدراسة في إطار مشروع معرفيّ عام هو مشروع (حوار الاختصاصات) أو (العلوم المتداخلة الاختصاص) الذي يعكس صور وسنن التفاعل والتضافر المعرفي بين النظريات اللسانية الحديثة والأنساق العلمية الأخرى.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد