يتزامن إصدار الطبعة الثانية من كتاب "التأويلية العربية" مع إستكمالات دقيقة لمشروع تأويلي بدأته منذ عقدين من الزمن أو يزيد، وكذا مع تطورات معرفية ومنهجية كبرى يعرفها مجال البحث الأكاديمي، والتأليف الغزير والمتواصل في حقل التاويليات العربية عامة، تنظيراً وترجمة، وتأصيلاً...

يتزامن إصدار الطبعة الثانية من كتاب "التأويلية العربية" مع إستكمالات دقيقة لمشروع تأويلي بدأته منذ عقدين من الزمن أو يزيد، وكذا مع تطورات معرفية ومنهجية كبرى يعرفها مجال البحث الأكاديمي، والتأليف الغزير والمتواصل في حقل التاويليات العربية عامة، تنظيراً وترجمة، وتأصيلاً وتطبيقاً... وهي طبعة منقحة تصدرها مشكورة دار ضفاف ببيروت في إخراج أنيق، بعد تأمل عميق، لكل ما تبين للمؤلف أنه يستوجب التدقيق.
حضي هذا الكتاب عام 2010 بتقدير لجنة، الدراسات الأدبية والنقدية، فتوج بجائزة المغرب الكبرى للكتاب، ولا شك أن القارئ المتأمل للمشروع الكبير الذي يحمله، وللتصورات والإجتهادات التي جاءت بها المؤلفات التي صدرت بعده تباعاً، وتحديداً: "نظرية التأويل التقابلي: مقدمات لمعرفة بديلة بالنص والخطاب"، و"البُنى التقابلية: خرائط جديدة لتحليل الخطاب"، و"صناعة الخطابك الإنساق العميقة للتأويلية العربية"، سيتبين له أن مُقترحات "التأويلية العربية"، ما فَتنَتْ تستكمل رحلتها الإستكشافية، إنطلاقاً من الأنساق المعرفية العميقة للخطاب التأويلية العربية القديمة والجديدة في تجلياتها التساندية، والتقالية، والدائرية، والإنفتاحية، والجسرية...

ظل هذا الإنشغال يتنامى - بصبرٍ وأناة - في هذه الأعمال وغيرها، إلى أن أضحى أفقاً لنظرية واسعة، وتحققات علميةٍ ومنهجيةٍ كثيرة مما وعدتُ به القارئ منذ البداية: إذ انتظمت تلك الجهود في مقترحات نسقية قابلة للحياة، والتأثير فيما يأتي بعدها، ساعية إلى وضع مقدمات لتأويلية مرجعية ذات مفاهيم إجرائية ناجعة، ومعالم منهاجية واضحة لفهم الكون المبين الذي نعيش فيه، والغاية من وجودنا فيه، عبر تأمل بلاغة الخطابات الموجَّهة إلينا، ثم تأويلها تأويلاً بليغاً، مستفيدين من المنجزات القيَّمة التي تحققت في نماذج كثيرة من التأويليات التراثية العالمة، وطامحين إلى إقتراح أنوال جديدة، وبلاغاتٍ تأويلية عملية لفهم النصوص، وتحليل الخطابات مع الإستئناس بكل ما هو مفيد مما قدمته التأويليات الغربية، بلا تكلف إصطلاحي، أو عناء معرفي، أو تبعية تطبيقية عمياء.