تشكل رواية "متاهة آدم" للشاعر والكاتب الروائي العراقي بُرهان شاوي المتاهة الأولى، والأساس، والمدخل إلى سلسة رواياته التي تحمل اسم "المتاهات"؛ متاهة آدم، متاهة حواء، متاهة قابيل، متاهة الأشباح، متاهة إبليس، ومتاهة الأرواح المنسية... والمفتوحة على التيه... وعلى متاهات جديدة.

في هذه الرواية، التي تشكل المدخل إلى المتاهات التي تلتها، يعتمد الروائي بُرهان شاوي على تقنية "الماتروشكا" الروسية والصندوق الصيني، حيث تتداخل الروايات، ليس على طريقة ألف ليلة وليلة، حيث تروي شهرزاد رواياتها المتداخلة والمختلفة، وإنما تتداخل الروايات هنا لتعيد نفسها في زمان ومكان مختلف، وبأسماء شخصيات جديدة، لكنها تعيد دورة الأشياء البشرية، وجوهر الأحداث، نفسها.

إنها محاولة لإعادة تشكيل وقائع الحياة القاسية والفجة بشكل جمالي، وإقتناص لحظات الإختلاف بين الحياة الواقعية وبين إعادة تشكيلها وروايتها أدبياً، لكن السؤال يطرح نفسه: إلى أي حد تتحول التجربة الحياتية إلى تجربة إبداعية...؟ وأين، يا تُرى، تكمن حقيقة الأشياء والأحداث؟... في التجربة الحياتية الواقعية الغامضة، وفي اللغة المسكوت عنها، أم في الوقائع الروائية الفاضحة واللغة الصادمة في النص السردي الروائي؟...

في "متاهة آدم" ثمة ثلاث روايات تتداخل بشكل مأساوي... وثلاثة مصائر بشرية لكتّاب مبدعين تتقاطع مع بعضها، فالكاتب الأول، الأصلي، آدم البغدادي يكتب رواية عن الكاتب الروائي الدكتور آدم التائه وعن زوجته حواء المؤمن بعنوان "متاهة آدم - السقوط إلى الأعلى"، وهذا الكاتب بدوره يكتب رواية بعنوان "متاهة آدم - المرأة المجهولة" عن الكاتب المهندس آدم المطرود وحبيبته حواء الصايغ، وما بين رواية الكاتب الأول آدم البغدادي ورواية الكاتب الإفتراضي آدم التائه، تتجول الأشباح والكوابيس، ويتم تجاوز الخطوط الحمراء التقليدية في آداب الكتابة لدى القارئ المطمئن... بينما تجري في الواقع رواية بطلها الكاتب آدم البغدادي تنتهي بمقتله.

"متاهة آم" رواية عن عراق التسعينات وعراق ما بعد زلزال 2003... رواية عن العنف السياسي المرعب، والمنفلت، والأعمى... وعن إنقلاب الرغبات الجامحة، والغامضة، والصادمة، في أعماق النفس البشرية، عن الأقدار المأساوية للبشر.

إنها رواية عن الشك، والإيمان العميق الذي يقود إلى الشك، وعن سوء الفهم بين البشر، والذي يقود إلى الفاجعة... عن الغرائز الجامحة، وعن الحب المحاصر بالنوايا المريبة... رواية عن الإنسان في متاهة النفس ومتاهة الوجود.