هذه السيرة - المسار الحياتي والثقافي في مرحلة لعلها من أعقد مراحل حياتنا وأكثرها شدة وقسوة على إنسانيتنا كمن يؤلف قصصاً أقرب إلى القصص المتخيلة منها إلى الواقع لفداحة وقائعها ومضامينها، وهي قصص عن مسيرة ذات طابع متمرد، محاولاً إستعادة تمرد شبابك الأول وأنت اليوم في حقبة...
هذه السيرة - المسار الحياتي والثقافي في مرحلة لعلها من أعقد مراحل حياتنا وأكثرها شدة وقسوة على إنسانيتنا كمن يؤلف قصصاً أقرب إلى القصص المتخيلة منها إلى الواقع لفداحة وقائعها ومضامينها، وهي قصص عن مسيرة ذات طابع متمرد، محاولاً إستعادة تمرد شبابك الأول وأنت اليوم في حقبة وقوفك على مشارف الكهولة، إن لم تكن قد دخلتها بمفاجآتها غير السارة.
إنك تستعيد، هنا، أطرافاً من طفولتك التي تجدها جميلة، وربما أجمل مما كانت، وأنت تنظر إليها اليوم نظرة إستعادة... كما تستعيد حقبة شبابك الثاني الذي كان، كشبابنا جميعاً، شباباً مدمراً، ومنتهكاً على نحو فادح الثمن، كما دفعناه، تاركاً كل شيء للعراء، وفي العراء... ثم تعمد إلى تعرية ذاتك، وذواتنا معك، أمام قرائك / قرائنا، مع كل ما لحق بحياتنا هذه من دمار، وما أحاطها من تدمير...
فأنت هنا وإن حاولت أن تبدو صافياً، مرحاً، ومحباً... مشعاً وجميلاً، لم تستطع إخفاء الجراح التي كشفت عنها صور وحالات ومواقف لم تستطع إنتزاعها من عقلك ولا فصدها من دمك.
ولكني ألاحظ هنا أن التذكر، الذي أقمت عليه الجانب الأكبر من عملك هذا، يقترب من "التذكر الأدبي" أكثر من التذكر الحياتي - اليومي، وما يبتعث الألم في النفس ويستثير الشجن أن كل ما مرّ بتلك الحياة، أو مرت به، قد تحول في الأخير إلى خيبة، أما الفرح القليل، إن بدا هنا أو ظهر هناك، فهو عابر أو وهمي، ما يجعلني أتساءل: هل وقع كل ما وقع لحياتنا مصادفة؟...