يجد القارئ بين دفتي هذا الكتاب نصّين (كتاب الأمكنة المُغلِّطة وكتاب الجدل) نحققهما لأول مرة للفيلسوف والطبيب الأندلسي ابن طُمْلُوس (ت. 620هـ / 1223م).وهما جزء من كتاب ضخم في المنطق (خزانة الأسكوريال، عر. 649، 1 ظ- 172و)، وموضوع النصّين نظريٌ وعلميٌ من جهة أنهما يفحصان صناعتي السفسطة...
يجد القارئ بين دفتي هذا الكتاب نصّين (كتاب الأمكنة المُغلِّطة وكتاب الجدل) نحققهما لأول مرة للفيلسوف والطبيب الأندلسي ابن طُمْلُوس (ت. 620هـ / 1223م). وهما جزء من كتاب ضخم في المنطق (خزانة الأسكوريال، عر. 649، 1 ظ- 172و)، وموضوع النصّين نظريٌ وعلميٌ من جهة أنهما يفحصان صناعتي السفسطة والجدل.
والنصّان في غاية الأهمية، ويظهر ذلك مما يلي: فهما أولاً، يقدّمان شهادة مادية على إستمرار العلوم العقلية في أرض الأندلس والمغرب بعد وفاة ابن رشد (595هـ / 1198م).
وذلك خلاف القول بأن أبا الوليد لم يترك تلامذة في الغرب الإسلامي يستأنفون النظر العلمي بعده؛ وهما، ثانياً، يقدمان شهادة من داخل النصوص على تلمذة ابن طُمْلُوس لابن رشد تحديداً، وذلك خلاف ما انتهى إليه أسين بلاصيوس وواصل آخرون وترديد ذلك عشرات السنين بعده.
فالنصّان يكشفان بوضوح مدى إرتباط فكر ابن طُمْلُوس بنصوص ابن رشد المنطقية، والنصان، ثالثاً، يشهدان لمدى التفاعل العلمي على مستوى تنقل الأفكار بين المشرق والمغرب، وذلك لأنهما يظهران مدى تأثر ابن طملوس، تلميذ ابن رشد، بأبي نصر الفارابي، الملقب بالمعلم الثاني (339هـ / 950م)، في مذهبيه في منطق الجدل ومنطق السفسطة، والنصان، بالمسائل المنطقية المثارة فيهما، يشهدان، رابعاً، لشخصية ابن طملوس الفكرية ولإجتهاداته النظرية.
وهذه، في نظرنا، كلها أمور يشهدُ لها كتاباً الأمكنة المُغلِّطة والجدل.