يستطيع القارئ العربي أخيراً أن يقرأ كتاباً كاملاً بالعربية للمنظّر والناقد الألماني المعاصر هانس روبيرت ياوس (Hans Robert Jauss) سبق لي أن تعاقدت مع المؤلف على ترجمته، فعلى هامش زيارته لفاس في 1994، حيث ألقى محاضرتين بالفرنسية حول تَصَوِّره للتأويلية الأدبية في كلية الآداب والعلوم...
يستطيع القارئ العربي أخيراً أن يقرأ كتاباً كاملاً بالعربية للمنظّر والناقد الألماني المعاصر هانس روبيرت ياوس (Hans Robert Jauss) سبق لي أن تعاقدت مع المؤلف على ترجمته، فعلى هامش زيارته لفاس في 1994، حيث ألقى محاضرتين بالفرنسية حول تَصَوِّره للتأويلية الأدبية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية (ظهر المهراز)، وبعد أن علم أنني أدرّس نظريته حول التلقي في مستوى ديبلوم الدراسات العليا المعمقة، أعرب لي عن رغبته في أن أترجم جانباً من فكره حتى يتمكن الباحثون المغاربة والعرب عموماً من تداول "جمالية التلقي" بالعربية، يقيناً منه بأنه كفيلة بالإسهام في تخليص الدرس الأدبي عندنا من بعض مآزقه. وكنت قد قدمت له لمحة إجمالية عن حال النقد الأدبي بالمغرب خاصة وبالعالم العربي عامة، كانت عبارة عن قراءة شخصية لمناهج مقاربة الأدب عندنا ما زالتُ مقتنعاً بنتائجها، وهي أن دراسة الأدب ومعالجة قضاياه ترتهنان بعدد من التصوّرات التي قد لا تخلو من سلبيات.
فما زال التأريخ للأدب المغربي والعربي تتحكم فيه روح الصنافة الوضعية المحتفية بالظواهر العامة والمشتركة على حساب السمات الخاصة التي هي ما ينبغي الإهتمام به لأنها ما يصنع أدبية النصوص.
وهذه الظواهر نفسها لا يتم رصدها من زاوية جمالية سانكرونية، بل من زاوية حَدَثِيَّة دياكرونية بحكم تبعيتها لحيثيات سياسية: فهناك مثلاً أدب مغربي متعدد بتعدد العصور أو الدول السياسية الحاكمة، لا أدب مغربي واحد تعاقبت عليه إبستيمات جمالية تبعاً لقانون التطور الأدبي.