يأتي سؤالنا ما الفيلسوف؟ في اللحظة الراهنة كإستجابة فلسفية ووجوديو لنداء عصر نعيشه في ظل خرابه الكوني الذي يحيق بنا جميعاً كبشر؛ يأتي هكذا سؤال لإحياء صوت العقل الإنساني المتفكِّر نقدياً من جديد بعدَ أنْ أفقدت شهوات الموت الأعمى وهويات التدمير الجهوي المتداولة على نحو...
يأتي سؤالنا ما الفيلسوف؟ في اللحظة الراهنة كإستجابة فلسفية ووجوديو لنداء عصر نعيشه في ظل خرابه الكوني الذي يحيق بنا جميعاً كبشر؛ يأتي هكذا سؤال لإحياء صوت العقل الإنساني المتفكِّر نقدياً من جديد بعدَ أنْ أفقدت شهوات الموت الأعمى وهويات التدمير الجهوي المتداولة على نحو فادح كيانه ومقامه وفاعليته في الوجود.
فالعقل هو خليل التفلسُف والفيلسوف، والفلسفة هي مرد الكائن المتفكِّر في الإنسان والطبيعة والمجتمع والوجود، في الماضي والحاضر والمستقبل، هذا الكائن الإنساني - الإنساني المتفكِّر بمسؤولية شاملة في ما يُعنى بذاته ضمن الوجود هو الذي نسميه الفيلسوف من دون بخس الإختلاف في تجربته مقارنة بنظرائه الفلاسفة.
إن الحق بالتفلسُف يتجاوز دائماً مع الحق بالإختلاف الإنساني والعقلي والوجودي بين البشر.
يقتضي البحث عن صورة الفيلسوف؛ عن كينونته ووجوده وأدواره ومسارات تفكيره، يقتضي سبر أغوار ما يجري التفكير فيه، وبشأنه، فللفيلسوف تأريخ إنسي معتَّق، وله مواقف وتوجهَّات، له توقُّفات وإستئنافات، له تألُّق وإنتكاس، تراهُ يُجابه المصير والمال بالتفكير والتفكُّر في رحلة البحث عن ديمومة البقاء المتكامل ضمن إختلافه الإنساني والفكري والأنطولوجي، وهو بقاء العقل، بقاء للقيم التي يؤمن بها الفيلسوف، بقاء لوجوده المستدام بهدي من نور موجوديته الإنسانية الأصيلة، ذلك النور الذي تحجبه قيم اللامعقول البشري وسيوف التدمير التي تأتي إلى الإنسان والعمران بالخراب الشامل.
الفلسفة هي ابنة رائعة الحضور للمشترك الإنساني العقلاني، هي ابنة المعمورة البارة، لا ابنه الشرق فقط، ولا ابنة الغرب فقط، لذا لا يمكن للفيلسوف إلاّ أن يكون ويوجد كائن بار للمعمورة الكونية، الإبن الحقيقي للمشترك الإنساني العقلاني، فلا فيلسوف للشرق لا يوجد سواه، ولا فيلسوف للغرب لا يوجد سواه، الفيلسوف هو ابن المعمورة الكونية مُشتركة الحضور والمصير بالتفكُّر الإنساني الذي يؤسِّس لمعنى الإنسان ولغيرية موجوديته في الوجود وفق رؤية إنسانية عقلية نقدية، وهو ما تتناوله فصول هذا الكتاب الثلاثة.