-
/ عربي / USD
بعض الناس كالثقوب السوداء، يمتصّون حياتك ولا يعطوك شيئاً، ولأنّ الحياة ضرب من النور، فإنّه ليس أسهل من تبذير الحياة: يشربها ثقب أسود، ويجعل من روحك جداراً يمكن لأيّ كان أن يكتب عليه ما يشاء، ويمرّ، الثقب الأسود قد يكون وجهاً، منقباً، فالنقاب أيضاً ثقب أسود؛ إنّه يمتص كميّة النور التي ينتظرها من أيّ قادم نحوك، ولا يصل أبداً؛ أمّا حين يدخل شعبٌ بأكمله في ثقب أسود، ويكون لديك عندئذ شعب منقّب، فعليك أن تتوقّع وجهيّة من نوع جديد تماماً: تلك التي تميّز من لم يعد يحمل وجهاً اصلاً، لأنه لا ينظر إلينا، ولا يعترف بالأفق الذي نقف فيه.
ولكن ما معنى أن نفكّر تحت ثقب أسود؟ وهل يمكن لمن لم يعد يرى وجهَ أحد أن يفكّر؟ أليس التفكير هو تبادل ذلك النور الذي تلقيه العيون على الوجوه حتى يصبح اللقاء البشري ممكناً، فتبدأ قصة ما؟...
الثقب الأسود قد يكون شارعاً، بعض الشوارع أكلت حيوات كثيرة في يوم واحد، وحين تمرّ أمام مجموعة من صور الشهداء الذين تجمّدت وجوههم عند نظرة واحدة، إلى الأبد، تفهم كم أنت داخل ثقب أسود لا يحبّك، وإذا بالشوارع تتحوّل إلى مجموعة من الجدران التي نسيت أنّها واقفة منذ وقت طويل، ولم تعد تحمل أيّ شيء من أجلنا على كتفيها، وتنصحنا بالمرور من مكان آخر.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد