-
/ عربي / USD
صارت تمشي كلَّ صباح بخطاً رتيبةٍ بطيئةٍ متأملة بعينين جامدتين ذاهلتين صور الشهداء القتلى... كل يوم المزيد والمزيد من الشهداء، يصيبها القتل بالإنبهار، لكنه إنبهار من نوع خاص.
وبدأت فكرة الإنتحار تتسلل كاللص إلى عقلها، كما لو أنها من إفرازات الموت المتواصل لشبان سوريا، كما لو أنهم يدعونها لتشاركهم مصيرهم، كما لو أنهم يقولون لها: لماذا أنت حية ونحن متنا، والأجدر أن يموت الكبار وتتفتح براعم الصبا؟!...
لم تفكر يوماً بالإنتحار، وكانت تتعجب كيف تسللت تلك الفكرة إلى رأسها وأخذت تتمدد مُستعمرةً خلايا دماغها، حتى ملامحها تغيرت؛ إذ أصبحت متجهمةً بعد أن كان الجميع يمتدح وجهها الصبوح وإبتسامتها المُشعة من قلبها.
لم تعرف كيف ستوثر بها الحرب والقتل، لكنها كانت مستسلمةً ومذعورةً في الوقت نفسه، وأكثر ما كان يُقلقها ويُخيفها إدراكها أو حدسها أنها لم تعد تملك الإرادة الكافية للصمود في وجه الآثار المدمرة للحرب، سيان عندها النظام أم المعارضة، لا تشعر أن أحداً منهما يمثلها أو يمثل الشعب السوري، صارت فجأةً تعاني من نوب عاصفة من البكاء، وتنبهر من قدرة غدتها الدمعية على ذرف الدموع.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد