إنّ كتاب التعليقات موضوع التحقيق هنا إنما هو مباحث فلسفية دقيقة قامت في شكل حوار بين ابن سينا وتلميذه بهمنيار بن المرزبان، (458هــ/ 1170هـ) وإنّ كانت شخصية التلميذ غير واضحة في صفحات الكتاب، وفلسفته في هذا الكتاب هي عينها فلسفته في سائر كتبه الأخرى مثل (النجاة، الإشارات والتنبيهات، عيون الحكمة)، فضلاً على موسوعته الفلسفية الكبرى (الشفاء)، ومما يلاحظ أن ابن سينا قد أفاد من هذه المؤلفات في كتابه التعليقات وإن لم يشر إلى ذلك إلا في مواضع قليلة.

وأما منهجه في هذا الكتاب، ففيه مشابهة ومقاربة كبيرة مع بقية مؤلفاته الفلسفية، إذ ابتدأ ابن سينا في هذا الكتاب أولاً بدراسة موضوع المنطق وأهميته وأقسامه وعلاقته بالعلوم الأخرى، ثم تلاه بدراسة العلم الطبيعي بكل أقسامه فضلاً على إثبات وجود النفس وخلودها وطبيعته وعلاقة ذلك كله بالمعرفة الإنسانية، ثم ختم بالبحث في علم ما بعد الطبيعة وما يستلزم من إثبات واجب الوجود (الله) وبيان طبيعته وماهيته وصفاته مثل (الحكمة والعلم والعناية والإرادة والقدرة والأزل...)، مع الإهتمام بخاصة بدراسة الجوهر مفهوماً ميتافيزيقياً، والعلاقة بين المادة والصورة، ودور واهب الصور (العقل الفعال) في هذه العلاقة وغيرها من الموضوعات التي تخص العلم الإلهي.