قبل قرابة أربعة عقود وقع كتاب "روابط الفكر والروح بين العرب والفرنجة" بين يدي للمرة الأولى، وكان ذلك في مكتبة والدي العامرة بالكتب النقدية، والتي تولي اهتماماً خاصا بالنقد اللبناني. شدني هذا الكتاب، وأنا بعد طفل ولعل ذلك بسبب الرسوم الرائعة التي تزين صفحاته، بريش أربعة من...
قبل قرابة أربعة عقود وقع كتاب "روابط الفكر والروح بين العرب والفرنجة" بين يدي للمرة الأولى، وكان ذلك في مكتبة والدي العامرة بالكتب النقدية، والتي تولي اهتماماً خاصا بالنقد اللبناني. شدني هذا الكتاب، وأنا بعد طفل ولعل ذلك بسبب الرسوم الرائعة التي تزين صفحاته، بريش أربعة من الفنانين، تصور عشرات الأدباء والساسة العرب والعالميين. وظل الكتاب يستحوذ على إعجابي، وبعد سنوات طويلة، حانت سنة تفرغ للبحث العلمي في أثناء عملي بالجامعة الهاشمية. وصار لزاما على أتن اختار بحثاً لهذه الغاية، فقضيتها في الجامعة الأميركية في الأردن، مختاراً كتاب "روابط الفكر والروح" ليكون موضوع بحثي نظراً للقيمة العظيمة التي يتسم بها هذا الكتاب في مجال الأدب المقارن، ونقد الأدب الحديث، على قلة الدراسات المقارنة آنذاك في مطلع أربعينيات القرن العشين، واعتقاداً بأهمية المعلومات التي ضمها بين دفتيه، وهي معلومات تبهر القارئ بنوعها، وكمها منها ما يتعلق بشخصية أبي شبكة الإشكالية، ومنها ما له علاقة وثيقة بروح عصر الأنوار والحركة الرومانتيكية الأوروبية، وبرؤية الكاتب ذاته لمرحلتي النهضة والتنوير العربيتين، ودورهما في تشكيل الحداثة العربية.